النار للكافرين ، وتخصيصه بالكافرين بشارة للمؤمنين ، ويظن الكافرون أن اتخاذهم معبودات من دون الله ينجيهم من عذابه ، ولكن حبطت أعمالهم وبطلت ، وصارت عديمة النفع بسبب كفرهم.
والحاصل : أن الله تعالى يخبر عما يفعله بالكفار يوم القيامة ، من عرض جهنم عليهم ، أي إبرازها وإظهارها لهم ، ليروا ما فيها من العذاب والنكال قبل دخولهم ، ليكون ذلك أبلغ في تعجيل الهم والحزن لهم ، ويخبر تعالى أيضا أنه لا يقام لهم وزن أو قدر ، وأن أعمالهم قد أحبطت وضاعت بسبب كفرهم.
التفسير والبيان :
(وَعَرَضْنا جَهَنَّمَ يَوْمَئِذٍ لِلْكافِرِينَ عَرْضاً) أي أظهرنا جهنم وأبرزناها إبرازا واضحا للكفار بالله بعد النفخة الثانية في الصور ، حتى يشاهدوا أهوالها ، يوم جمعنا لهم.
وأوصاف الكفار هي :
١ ـ التعامي وإبعاد السمع عن الحق : (الَّذِينَ كانَتْ أَعْيُنُهُمْ فِي غِطاءٍ عَنْ ذِكْرِي ، وَكانُوا لا يَسْتَطِيعُونَ سَمْعاً) أي إن عذاب جهنم لأولئك الذين تغافلوا وتعاموا عن قبول الهدى واتباع الحق ، ولم ينظروا في آيات الله ولم يتفكروا فيها ، حتى يتوصلوا إلى توحيد الله وتمجيده ، كما قال تعالى : (وَمَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمنِ ، نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطاناً ، فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ) [الزخرف ٤٣ / ٣٦] وكانوا لا يطيقون سماع ذكر الله الذي بيّنه لهم في كتابه ، ولا يعقلون عن الله أمره ونهيه.
والخلاصة : إنهم تعاموا عن مشاهدة آي الله بالأبصار ، وأعرضوا عن الأدلة السمعية المذكورة في كتاب الله ، كما قال تعالى : (فَإِنَّها لا تَعْمَى الْأَبْصارُ ، وَلكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ) [الحج ٢٢ / ٤٦] وقال سبحانه : (وَقالُوا : قُلُوبُنا فِي أَكِنَّةٍ مِمَّا تَدْعُونا إِلَيْهِ ، وَفِي آذانِنا وَقْرٌ) [فصلت ٤١ / ٥].