البخاري عن مصعب قال : سألت أبي : (قُلْ : هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمالاً) أهم الحرورية؟ قال : لا ، هم اليهود والنصارى. أما اليهود فكذبوا محمدا صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وأما النصارى فكفروا بالجنة ، فقالوا : لا طعام فيها ولا شراب ، والحرورية (أي الخوارج) الذين ينقضون عهد الله من بعد ميثاقه ، وكان سعد يسميهم الفاسقين. والحقيقة أن الآية تشمل جميع أهل الضلال سواء من أهل الكتاب أو من المشركين.
٥ ـ في هذه الآية : (قُلْ : هَلْ نُنَبِّئُكُمْ ..) دلالة على أن من الناس من يعمل العمل ، وهو يظن أنه محسن ، وقد حبط سعيه ، والذي يوجب إحباط السعي : إما فساد الاعتقاد أو المراءاة.
٦ ـ إن سبب خسارة أعمال أهل الضلال هو الكفر بآيات الله وبالبعث ، وهذا يشمل مشركي مكة عبدة الأوثان ، وأهل الكتاب أيضا ؛ لأن إيمان هؤلاء بالبعث مشوّة غير صحيح.
٧ ـ إن عقاب هؤلاء الضالين على أعمالهم الباطلة ثلاثة أنواع : إحباط الأعمال ، وإهدار
الكرامة والاعتبار ، والعذاب في نار جهنم ، فلا ثواب على أعمالهم ولا نفع فيها ، ولا يقيم الله عزوجل لهم وزنا ، ويصلون جهنم ، قال عبيد بن عمير : يؤتى يوم القيامة بالرجل العظيم الطويل الأكول الشّروب ، فلا يزن عند الله جناح بعوضة. وهذا في حكم المرفوع ، وقد ثبت معناه في صحيحي البخاري ومسلم عن أبي هريرة رضياللهعنه عن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم أنه قال : «إنه ليأتي الرجل العظيم السمين يوم القيامة ، لا يزن عند الله جناح بعوضة ، اقرؤوا إن شئتم : (فَلا نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ وَزْناً)». والمعنى : أنهم لا ثواب لهم ، وأعمالهم مقابلة بالعذاب ، فلا حسنة لهم توزن في موازين القيامة ، ومن لا حسنة له فهو في النار.