وروي أن حييّ ين أخطب اليهودي قال : في كتابكم : (وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْراً كَثِيراً) ثم تقرؤون : (وَما أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلاً) أي أنه يعترض بوجود التناقض ، فنزلت هذه الآية ، يعني أن ذلك خير كثير ، ولكنه قطرة من بحر كلمات الله.
وبعد بيان كمال كلام الله ، أمر تعالى محمدا صلىاللهعليهوآلهوسلم بالتواضع فقال :
(قُلْ : إِنَّما أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحى إِلَيَّ أَنَّما إِلهُكُمْ إِلهٌ واحِدٌ) أي قل يا محمد لهم : ما أنا إلا بشر مثلكم في البشرية ، ليس لي صفة الملكية أو الألوهية ، ولا علم لي إلا ما علمني الله ، إلا أن الله تعالى أوحى إلي أنه لا إله إلا الله الواحد الأحد الصمد ، فلا شريك له في ألوهيته ، فمعبودكم الذي يجب أن تعبدوه هو معبود واحد لا شريك له.
(فَمَنْ كانَ يَرْجُوا لِقاءَ رَبِّهِ ، فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صالِحاً ، وَلا يُشْرِكْ بِعِبادَةِ رَبِّهِ أَحَداً) أي فمن آمن بلقاء الله ، وطمع في ثواب الله على طاعته ، فليتقرب إليه بصالح الأعمال ، وليخلص له العبادة ، وليجتنب الشرك بعبادة الله ، أحدا من مخلوقاته ، سواء أكان شركا ظاهرا كعبادة الأوثان ، أم شركا خفيا كفعل شيء رياء أو سمعة وشهرة ، والرياء : هو الشرك الأصغر ، كما في حديث أخرجه الإمام أحمد عن محمود بن لبيد أن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم قال : «إن أخوف ما أخاف عليكم الشرك الأصغر ، قالوا : وما الشرك الأصغر يا رسول الله؟ قال : الرياء ، يقول الله يوم القيامة إذا جزى الناس بأعمالهم : اذهبوا إلى الذين كنتم تراؤون في الدنيا ، فانظروا هل تجدون عندهم جزاء؟».
وأخرج أحمد ومسلم وغيرهما عن أبي هريرة عن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم فيما يرويه عن ربه قال : «أنا خير الشركاء ، فمن عمل عملا أشرك فيه غيري ، فأنا بريء منه ، وهو للذي أشرك».