ونظير الآية : (قالَ : رَبِّ اجْعَلْ لِي آيَةً ، قالَ : آيَتُكَ أَلَّا تُكَلِّمَ النَّاسَ ثَلاثَةَ أَيَّامٍ إِلَّا رَمْزاً) [آل عمران ٣ / ٤١].
فقوله تعالى (سَوِيًّا) صحيح الخلق سوي من غير مرض ولا علة ، وقيل : متتابعات ، والقول الأول عن الجمهور أصح.
وهذا دليل على أنه لم يكن يكلّم الناس في هذه الليالي الثلاث وأيامها إلا رمزا أي إشارة ، ولهذا قال تعالى هنا :
(فَخَرَجَ عَلى قَوْمِهِ مِنَ الْمِحْرابِ ، فَأَوْحى إِلَيْهِمْ أَنْ سَبِّحُوا بُكْرَةً وَعَشِيًّا) أي فخرج زكريا على قومه من المحراب وهو مصلاه الذي بشر فيه بالولد (وهو المسمى عند أهل الكتاب بالمذبح : وهو مقصورة في مقدّم المعبد يصعد إليها بدرج بحيث يصبح المتعبد فيها محجوبا عمن في المعبد) وقد كان الناس ينتظرونه للصلاة في الغداة والعشي ، فأشار إليهم إشارة خفية سريعة ، ولم يستطع أن يكلّمهم بذلك ، أن يقولوا : سبحان الله (أي تنزيها لله عن الشريك والولد وعن كل نقص) في الصباح والمساء في صلاتي الفجر والعصر ، شكرا لله على ما أولاه ، وقد كان أخبرهم بما بشّر به قبل ذلك.
فقه الحياة أو الأحكام :
يفهم من الآيات ما يأتي :
١ ـ إن الله تعالى قص على نبيه قصة زكريا وما بشر به من الولد ، في سن الكبر والشيخوخة وحال عقم امرأته منذ بداية عمرها ، ليكون ذلك آية على قدرة الله العجيبة التي تستدعي الإيمان به إيمانا مطلقا.
٢ ـ الجهر والإخفاء في الدعاء عند الله سيان ؛ لقوله تعالى : (ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعاً وَخُفْيَةً ، إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ) [الأعراف ٧ / ٥٥] ، ولكن زكريا