(ما دُمْتُ حَيًّا ما) مصدرية ظرفية زمانية ، أي مدة دوامي حيا ، و (حَيًّا) خبر (ما دُمْتُ) ، والجملة منصوبة على الظرف ، وعامله (أَوْصانِي).
(وَبَرًّا بِوالِدَتِي) معطوف على قوله (مُبارَكاً) و (مُبارَكاً) مفعول ثان لجعل. ومن قرأ وبر عطفه على (الصلاة) أي أوصاني بالصلاة وببرّ بوالدتي.
المفردات اللغوية :
(فَأَتَتْ بِهِ قَوْمَها تَحْمِلُهُ) أتت مع ولدها قومها راجعة إليهم بعد ما طهرت من النفاس حاملة إياه. (فَرِيًّا) عظيما منكرا خارقا للعادة ، حيث أتيت بولد من غير أب. (يا أُخْتَ هارُونَ) هو أخو موسى عليهالسلام ، وكان بينهما ألف سنة ، أو رجل صالح من بني إسرائيل ، أي يا شبيهته في العفة ، وشبهوها به تهكما. (امْرَأَ سَوْءٍ) أي زانيا. (وَما كانَتْ أُمُّكِ بَغِيًّا) أي زانية ، فمن أين لك هذا الولد؟! وفيه تنبيه على أن الفواحش من أولاد الصالحين أفحش.
(فَأَشارَتْ إِلَيْهِ) أشارت لهم إلى عيسى أن كلموه ليجيبكم. (قالُوا : كَيْفَ نُكَلِّمُ مَنْ كانَ) أي وجد (فِي الْمَهْدِ صَبِيًّا) أي لم نعهد صبيا في المهد كلمه عاقل. و (الْمَهْدِ) فراش الصبي الرضيع الموطّأ له ، جمع مهود.
(آتانِيَ الْكِتابَ) أي الإنجيل (مُبارَكاً) نفّاعا للناس ، معلما للخير. والتعبير بالماضي: إما باعتبار ما سبق في قضاء الله ، فهو إخبار ما كتب له ، أو بجعل المحقق وقوعه كالواقع. (وَأَوْصانِي بِالصَّلاةِ وَالزَّكاةِ) أمرني بهما أو كلفني. (جَبَّاراً) متعاظما لا يرى لأحد حقا عليه. (شَقِيًّا) عاصيا لربه. (وَالسَّلامُ عَلَيَ) أي والأمان علي يوم الولادة ويوم الموت ويوم البعث حيا ، كما هو على يحيى عليهالسلام ، والتعريف هنا في السلام على الأظهر للجنس.
التفسير والبيان :
لما اطمأنت مريم عليهاالسلام بما رأت من الآيات ، وسلمت لأمر الله عزوجل ، واستسلمت لقضائه أتت بعيسى تحمله إلى أهل بيتها ، كما قال تعالى :
(فَأَتَتْ بِهِ قَوْمَها تَحْمِلُهُ قالُوا : يا مَرْيَمُ لَقَدْ جِئْتِ شَيْئاً فَرِيًّا) أي لما برئت مريم من نفاسها ، جاءت به قومها تحمله من المكان القصي ، فلما رأوا الولد معها ، حزنوا وأعظموا الأمر واستنكروه جدا ، وقالوا منكرين : يا مريم ، لقد فعلت أمرا عجيبا عظيما منكرا خارجا عن المألوف وهو الولادة بلا أب ، وكانوا