ولا تعتبر شهادة زوج المقذوفة عند الشافعية ، وتعتبر عند أبي حنيفة (فَاجْلِدُوهُمْ) اجلدوا كل واحد منهم (وَلا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهادَةً أَبَداً) أي تسقط عدالتهم ، فلا تقبل لهم أي شهادة كانت بعدئذ ؛ لأنه مفتر. ولا يتوقف ذلك على استيفاء الجلد عند الشافعية ؛ لترتب الجزاءين على القذف على السواء جوابا للشرط ، دون ترتيب بينهما ، فيحصلان دفعة واحدة ، ويتوقف عدم قبول شهادته عند أبي حنيفة على استيفاء الحد. وقوله : (أَبَداً) أي ما لم يتب ، وعند أبي حنيفة : إلى آخر عمره (وَأُولئِكَ هُمُ الْفاسِقُونَ) المحكوم بفسقهم ؛ لإتيانهم كبيرة.
(إِلَّا الَّذِينَ تابُوا مِنْ بَعْدِ ذلِكَ) عن القذف (وَأَصْلَحُوا) أعمالهم بالتدارك ، ومنه الاستسلام للحد ، أو طلب العفو (الاستحلال) من المقذوف. (فَإِنَّ اللهَ غَفُورٌ) لهم قذفهم (رَحِيمٌ) بهم بإلهامهم التوبة. وبالتوبة ينتهي فسقهم وتقبل شهادتهم عند الشافعية ، ولا تقبل عند الحنفية ؛ لأن الاستثناء يكون راجعا إلى الجملة الثالثة وهي : (وَأُولئِكَ هُمُ الْفاسِقُونَ) في رأيهم ، وإلى أصل الحكم وجميع الجمل في رأي الشافعية ، لكن تستثنى الجملة الأولى ، فلا يسقط الحد بالتوبة بالاتفاق ، حفاظا على حق العبد ، ويبقى الاستثناء في ظاهره عائدا إلى رد الشهادة والتفسيق.
المناسبة :
بعد التنفير من نكاح الزانيات وإنكاح الزناة ، نهى الله تعالى عن القذف وهو الرمي بالزنى ، وذكر حده في الدنيا وهو الجلد ثمانين ، وعقوبته في الآخرة وهو العذاب المؤلم ما لم يتب القاذف.
ودلت القرائن على أن المراد الرمي بالزنى بإجماع العلماء لتقدم الكلام عن الزنى ، ووصف النساء بالمحصنات وهن العفائف عن الزنى ، ولاشتراط إثبات التهمة بأربعة شهود ، ولا يطلب هذا العدد إلا في الزنى ، ولانعقاد الإجماع على أنه لا يجب الجلد بالرمي بغير الزنى ، كالرمي بالسرقة وشرب الخمر والكفر ، فمجموع هذه القرائن الأربع يجعل المراد هو الرمي بالزنى.
التفسير والبيان :
هذه الآية تبين حكم قذف المحصنة وهي الحرة البالغة العاقلة العفيفة ، يجلد قاذفها ثمانين جلدة ، وكذلك يجلد قاذف الرجل العفيف اتفاقا ، وقذف الرجل