وأخرج ابن أبي حاتم من مرسل الحسن البصري قال : كان الرجل إذا كان بينه وبين الرجل منازعة ، فدعي إلى النبي صلىاللهعليهوسلم ، وهو محق ، أذعن ، وعلم أن النبي صلىاللهعليهوسلم سيقضي له بالحق ، وإذا أراد أن يظلم ، فدعي إلى النبي صلىاللهعليهوسلم أعرض ، فقال : انطلق إلى فلان ، فأنزل الله : (وَإِذا دُعُوا إِلَى اللهِ وَرَسُولِهِ) الآية.
وقال مقاتل : نزلت هذه الآية في بشر المنافق ، دعاه يهودي في خصومة بينهما إلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، ودعا هو اليهودي إلى كعب بن الأشرف ، ثم تحاكما إلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، فحكم لليهودي ؛ لأنه صاحب الحق ، فلم يرض المنافق بقضائه صلىاللهعليهوسلم. وقال : نتحاكم إلى عمررضياللهعنه ، فلما ذهبا إليه ، قال له اليهودي : قضى لي النبي صلىاللهعليهوسلم ، فلم يرض بقضائه ، فقال عمر للمنافق : أكذلك؟ قال : بلى ، فقال : مكانكما حتى أخرج إليكما ، فدخلرضياللهعنه بيته ، وخرج بسيفه ، فضرب به عنق المنافق حتى برد ، وقال : هكذا أقضي لمن لم يرض بقضاء الله ورسوله صلىاللهعليهوسلم (١).
المناسبة :
بعد بيان أدلة التوحيد ، ذمّ الله تعالى قوما وهم المنافقون اعترفوا بالدين بألسنتهم ، ولكنهم لم يقبلوه بقلوبهم ، فيقولون : (آمَنَّا بِاللهِ وَبِالرَّسُولِ) ثم يفعلون نقيض ذلك.
التفسير والبيان :
هذه صفات المنافقين الذين يظهرون خلاف ما يبطنون ، فقال تعالى : (وَيَقُولُونَ : آمَنَّا بِاللهِ وَبِالرَّسُولِ وَأَطَعْنا ، ثُمَّ يَتَوَلَّى فَرِيقٌ مِنْهُمْ مِنْ بَعْدِ ذلِكَ ،
__________________
(١) وهذا الحكم حق وعدل ؛ لأنهم في الواقع كفار استباحوا معارضة النبي صلىاللهعليهوسلم في أحكامه ، وشهروا بحكمه ، وأحدثوا البلبلة والاضطراب في عدله ونبوته ، وكل ذلك يختلف عن الكافر العادي.