البلاغة :
(وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَعْمالُهُمْ كَسَرابٍ) وكذلك (أَوْ كَظُلُماتٍ فِي بَحْرٍ لُجِّيٍ) كل منهما تشبيه تمثيلي رائع وبديع.
المفردات اللغوية :
(وَالَّذِينَ كَفَرُوا) أي حالهم على ضدّ حال المؤمنين ، فإن أعمالهم التي يحسبونها صالحة نافعة عند الله يجدونها في الآخرة لاغية مخيبة للآمال. (كَسَرابٍ) هو ما يرى في عين الإنسان أثناء سيره في الفلاة من لمعان الشمس وقت الظهيرة في شدة الحر ، فيظن أنه ماء جار أو راكد على وجه الأرض. (بِقِيعَةٍ) جمع قاع ، أي فلاة ، وهو ما انبسط من الأرض. (يَحْسَبُهُ) يظنه. (الظَّمْآنُ) العطشان ، وخص الظمآن بالذكر لتشبيه الكافر به في شدة الخيبة عند ما تمسّ الحاجة إلى الظفر بثمرة عمله. (حَتَّى إِذا جاءَهُ) جاء ما تو همه ماء أو جاء موضعه. (لَمْ يَجِدْهُ شَيْئاً) مما ظنه أو حسبه ، وكذلك الكافر يحسب أن عمله كالصدقة ينفعه ، حتى إذا مات وقدم على ربه ، يجد عمله لم ينفعه. (وَوَجَدَ اللهَ عِنْدَهُ) أي عند عمله. (فَوَفَّاهُ حِسابَهُ) جازاه عليه في الدنيا. (وَاللهُ سَرِيعُ الْحِسابِ) أي المجازاة ، لا يشغله حساب عن حساب.
(أَوْ كَظُلُماتٍ) أي والذين كفروا أعمالهم السيئة في الدنيا كالظلمات المتراكمة و (أَوْ) إما للتخيير فإن أعمال الكفار لكونها لاغية لا منفعة لها كالسراب ، ولكونها خالية عن نور الحق كالظلمات المتراكمة في لج البحر والأمواج والسحاب ، وإما للتنويع فإن أعمالهم إن كانت حسنة فكالسراب ، وإن كانت قبيحة فكالظلمات ، وإما للتقسيم باعتبار وقتين وهو الظاهر ، فإنها كالظلمات في الدنيا والسراب في الآخرة.
(فِي بَحْرٍ لُجِّيٍ) عميق ، أو ذي لجّ وهو معظم الماء ، والمقصود : بحر عميق الماء كثيره ذو طبقات. (يَغْشاهُ) يغطيه. (مِنْ فَوْقِهِ) الظلمة الأولى أي الموج. (مِنْ فَوْقِهِ) والظلمة الثانية أي الموج الثاني ، والمراد بظلمات البحر : أمواج متراكمة مترادفة ، والمراد بالسحاب : سحاب غطى النجوم وحجب أنوارها. والسحاب : غيم. (كَظُلُماتٍ) أي هذه ظلمات : ظلمة البحر ، وظلمة الموج الأول وظلمة الثاني ، وظلمة السحاب. (إِذا أَخْرَجَ يَدَهُ) أخرج الناظر يده في هذه الظلمات وهي أقرب شيء إليه. (لَمْ يَكَدْ يَراها) لم يقرب من رؤيتها فضلا عن أن يراها. (وَمَنْ لَمْ يَجْعَلِ اللهُ لَهُ نُوراً فَما لَهُ مِنْ نُورٍ) أي من لم يهده الله لم يهتد ، والمراد من لم يوفقه لأسباب الهداية لم يكن مهتديا.