البلاغة :
(إِنَّها كَلِمَةٌ هُوَ قائِلُها) مجاز مرسل ، من إطلاق الجزء على الكل ، إذ أنه أطلق الكلمة على الجملة.
المفردات اللغوية :
(حَتَّى) ابتدائية. (جاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ) أي الكافر ، وهو متعلق بقوله : (يَصِفُونَ) في الآيات المتقدمة ، وما بينهما اعتراض ، وقد يسأل المؤمن الرجعة أيضا ، فإذا رأى الكافر مقعده من النار ومقعده من الجنة لو آمن ، طلب العودة إلى الدنيا ، وكذلك المؤمن يسأل الرجعة ، كما جاء في آخر سورة المنافقين : (فَيَقُولَ : رَبِّ لَوْ لا أَخَّرْتَنِي إِلى أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ وَأَكُنْ مِنَ الصَّالِحِينَ) [١٠].
(ارْجِعُونِ) الواو لتعظيم المخاطب ، أي ردوني إلى الدنيا. (لَعَلِّي أَعْمَلُ صالِحاً) بأن أشهد أن لا إله إلا الله. (فِيما تَرَكْتُ) ضيعت من عمري. (كَلَّا) كلمة ردع وزجر عن حصول ما يطلب ، أي لا رجوع. (إِنَّها) أي قوله : رب ارجعون (كَلِمَةٌ هُوَ قائِلُها) أي لا فائدة له فيها. (وَمِنْ وَرائِهِمْ) أي من أمامهم. (بَرْزَخٌ) حائل أو حاجز بينهم وبين الرجعة. (إِلى يَوْمِ يُبْعَثُونَ) أي إلى يوم القيامة ، ولا رجوع بعده ، فهو تيئيس وإقناط كلي عن الرجوع إلى الدنيا ، وإنما الرجوع إلى حياة الآخرة.
المناسبة :
بعد أن كشف الله حال المشركين وما يصفون من الشرك والتكذيب ، ذكر الله حال الكافرين عند مجيء الموت ، فإنهم يتمنون أن يعودوا إلى دار الدنيا ليعملوا صالحا ، لكن لا يسمع لقولهم ودعائهم. والمراد أن الكفار ما يزالون على سوء الحال والاعتقاد إلى الموت ، فهذه الآية متعلقة بقوله : (يَصِفُونَ) وما بينهما اعتراض وتأكيد للإغضاء عنهم وإهمالهم ، بالاستعانة بالله على الشيطان أن يستزله عن الحلم ، ويزحزحه عن الأناة.