من الدنيا ما يحب ، وهو مقيم على معاصيه ، فإنما ذلك منه استدراج».
لهذا شبّه الله تعالى حالهم حين ستر الجهل والحيرة عقولهم بحال من غمره الماء ، فقال : (فَذَرْهُمْ فِي غَمْرَتِهِمْ) أي فذر هؤلاء الجاهلين يتيهون في جهالتهم ، ولا يضيق صدرك بتأخير العذاب عنهم ، فلكل شيء وقت معلوم.
والخلاصة : أن هذا الإمداد للكفار ليس إلا استدراجا لهم إلى المعاصي ، واستجرارا إلى زيادة الإثم ، وهم يحسبونه مسارعة لهم في الخيرات إكراما لهم ، وتعجيلا للثواب قبل وقته.
صفات المسارعين في الخيرات
(إِنَّ الَّذِينَ هُمْ مِنْ خَشْيَةِ رَبِّهِمْ مُشْفِقُونَ (٥٧) وَالَّذِينَ هُمْ بِآياتِ رَبِّهِمْ يُؤْمِنُونَ (٥٨) وَالَّذِينَ هُمْ بِرَبِّهِمْ لا يُشْرِكُونَ (٥٩) وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ ما آتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلى رَبِّهِمْ راجِعُونَ (٦٠) أُولئِكَ يُسارِعُونَ فِي الْخَيْراتِ وَهُمْ لَها سابِقُونَ (٦١) وَلا نُكَلِّفُ نَفْساً إِلاَّ وُسْعَها وَلَدَيْنا كِتابٌ يَنْطِقُ بِالْحَقِّ وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ (٦٢))
الإعراب :
(إِنَّ الَّذِينَ هُمْ ..) خبر (إِنَ) في قوله تعالى : (أُولئِكَ يُسارِعُونَ فِي الْخَيْراتِ) ، و (أُولئِكَ) : مبتدأ ، و (يُسارِعُونَ) : جملة فعلية : خبر المبتدأ ، والمبتدأ وخبره : في موضع رفع ؛ لأنه خبر (إِنَ).
البلاغة :
(يُؤْمِنُونَ يُشْرِكُونَ) بينهما طباق.