(ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ السَّيِّئَةَ) طباق معنوي ؛ لأن المعنى : ادفع بالحسنة السيئة.
المفردات اللغوية :
(رَبِّ إِمَّا) أدغمت فيه نون إن الشرطية في ما الزائدة ، أي إذا كان لا بد من أن تريني ؛ لأن ما والنون للتأكيد (ما يُوعَدُونَ) من العذاب في الدنيا والآخرة (فَلا تَجْعَلْنِي فِي الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ) أي معهم ، فأهلك بهلاكهم ؛ لأن شؤم الظلمة قد يحيق بما وراءهم ، كقوله تعالى : (وَاتَّقُوا فِتْنَةً لا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً) [الأنفال ٨ / ٢٥]. وإن تكرار كلمة (رَبِ) في بدء الجملتين لزيادة التضرع (وَإِنَّا عَلى أَنْ نُرِيَكَ ما نَعِدُهُمْ لَقادِرُونَ) أي بقدرتنا تعجيل العذاب ، لكنا نؤخره ؛ لأن بعضهم أو بعض ذرياتهم سيؤمنون ، أو لأنا لا نعذبهم وأنت فيهم.
(ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ) وهو الصفح والإحسان والإعراض عنهم (السَّيِّئَةَ) أذاهم إياك (بِما يَصِفُونَ) يصفونك به أو يقولون ويكذبون ، فإنا سنجازيهم عليه (أَعُوذُ) أعتصم (هَمَزاتِ الشَّياطِينِ) نزغاتهم ووساوسهم بالشر (أَنْ يَحْضُرُونِ) في أموري ؛ لأنهم إنما يحضرون بسوء ، أو يحومون حولي في بعض الأحوال.
المناسبة :
بعد أن ردّ الله تعالى على المشركين مزاعمهم من اتخاذ الولد والشريك وأبطل سوء اعتقادهم كإنكار البعث والجزاء ، وجّه رسوله صلىاللهعليهوسلم إلى الدعاء والتضرع بالنجاة من عذابهم ، ثم أرشده إلى مقابلة السيئة بالحسنة ؛ لأن الإحسان يفيد أحيانا ، ثم أمره أن يستعيذ من وساوس الشياطين في مختلف الأعمال.
التفسير والبيان :
يأمر الله تعالى نبيه ببعض الأدعية عند حلول النقم ، فيقول :
(قُلْ : رَبِّ إِمَّا تُرِيَنِّي ما يُوعَدُونَ ، رَبِّ فَلا تَجْعَلْنِي فِي الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ) أي إن كان ولا بد من أن تريني ما تعدهم من العذاب في الدنيا أو في الآخرة ، فلا