(فَسْئَلِ الْعادِّينَ) جمع العادّ من العدّ. ومن قرأه بالتخفيف جعله جمع (عادي) من قولهم : بئر عاديّة ، أي قديمة ، فلما جمع جمع المذكر السالم (أي بالواو والنون) حذف منه ياء النسب ، وصارت ياء الجمع عوضا عن ذلك ، كالأعجمين والأشعرين ، جمع أعجمي وأشعري ، وقيل في قوله تعالى : (سَلامٌ عَلى إِلْ ياسِينَ) أنه جمع إلياسيّ ، منسوب إلى إلياس. (عَبَثاً) حال بمعنى عابثين ، أو مفعول لأجله.
البلاغة :
(وَارْحَمْ وَأَنْتَ خَيْرُ الرَّاحِمِينَ) جناس اشتقاق.
المفردات اللغوية :
(قالَ) أي قال الله أو الملك المأمور بسؤالهم (كَمْ لَبِثْتُمْ فِي الْأَرْضِ) أحياء في الدنيا وأمواتا في قبوركم ، واللبث : الإقامة. (لَبِثْنا يَوْماً أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ) استقصروا مدة لبثهم فيها بالنسبة إلى خلودهم في النار وما هم فيه من العذاب. (فَسْئَلِ الْعادِّينَ) الذين يتمكنون من عدّ أيامها ، أو الملائكة الذين يعدّون أعمار الناس ويحصون أعمالهم. (قالَ) تعالى بلسان مالك خازن النار. (إِنْ لَبِثْتُمْ) أي ما لبثتم. (لَوْ أَنَّكُمْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ) مدة لبثكم بالنسبة إلى لبثكم في النار.
(عَبَثاً) ما خلا من الفائدة ، أو لا لحكمة ، توبيخ على تغافلهم. والمراد : إنا لم نخلقكم تلهيا بكم ، وإنما خلقناكم لنعيدكم ونجازيكم على أعمالكم ، وهو كالدليل على وجود البعث. (وَأَنَّكُمْ إِلَيْنا لا تُرْجَعُونَ) معطوف على (أَنَّما خَلَقْناكُمْ) أو (عَبَثاً) ، وقرئ بفتح التاء. والمراد أننا خلقناكم لنتعبدكم بالأمر والنهي وترجعون إلينا ، ونجازي على ذلك.
(فَتَعالَى اللهُ) تنزه الله عن العبث وغيره مما لا يليق به. (الْمَلِكُ الْحَقُ) أي الثابت الذي لا يزول. (رَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ) الكرسي الحسن ، وهو مركز تدبير العالم ، ووصف بالكريم لشرفه.
(يَدْعُ) أي يعبد. (لا بُرْهانَ لَهُ بِهِ) لا دليل له عليه ، وهو صفة كاشفة لا مفهوم لها. (حِسابُهُ) جزاؤه. (إِنَّهُ لا يُفْلِحُ الْكافِرُونَ) لا يسعدون ، والضمير في (إِنَّهُ) للشأن والأمر. ويلاحظ أنه تعالى بدأ السورة بتقرير الفلاح للمؤمنين ، وختمها بنفي الفلاح عن الكافرين. (اغْفِرْ وَارْحَمْ) المؤمنين ، وطلب الرحمة زيادة عن المغفرة.