المناسبة :
بعد بيان حكم قذف النساء الأجنبيات غير الزوجات بالزنى ، بيّن الله تعالى حكم قذف الزوجات الذي هو في حكم الاستثناء من الآية المتقدمة ، تخفيفا عن الزوج ؛ لأن العار يلحقه ، ومن الصعب أن يجد بيّنة ، وفي تكليفه إحضار الشهود إحراج له ، ويعذر بالغيرة على أهله ، وأيضا فإن الغالب أن الرجل لا يرمي زوجته بالزنى إلا صادقا ، بل ذلك أبغض إليه ، وأكره شيء لديه.
التفسير والبيان :
فرّج الله تعالى بهذه الآية عن الأزواج وأوجد لهم المخرج إذا قذف أحدهم زوجته ، وتعسّر عليه إقامة البينة ، وهو أن يحضرها إلى الحاكم ، فيدعي عليها بما رماها به ، فيلاعنها كما أمر الله عزوجل ، بأن يحلفه الحاكم أربع شهادات بالله ، في مقابلة أربعة شهداء ، إنه لمن الصادقين فيما رماها به من الزنى ، فقال تعالى :
(وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْواجَهُمْ ..) ـ إلى قوله ـ : (إِنْ كانَ مِنَ الْكاذِبِينَ) أي إن الأزواج الذين يقذفون زوجاتهم بالزنى ، ولم يتمكنوا من إحضار أربعة شهود يشهدون بصحة قذفهم ، وإنما كانوا هم الشهود فقط ، فالواجب عليهم أن يشهد الواحد منهم أربع شهادات بالله إنه لصادق فيما رمى به زوجته من الزنى ، والشهادة الخامسة أن لعنة الله عليه إن كان من الكاذبين فيما اتهمها به. واللعن : الطرد من رحمة الله.
فإذا قال ذلك بانت منه بهذا اللعان نفسه عند جمهور العلماء غير الحنفية ، وحرمت عليه أبدا ، ويعطيها مهرها ، ويسقط عنه حد القذف ، وينفي الولد عنه إن وجد ، ويتوجه عليها حد الزنى.
(وَيَدْرَؤُا عَنْهَا الْعَذابَ ..) ـ إلى قوله ـ : (إِنْ كانَ مِنَ الصَّادِقِينَ) أي ويدفع عنها حد الزنى أن تحلف بالله أربعة أيمان : إن زوجها كاذب فيما رماها به