المناسبة :
الآية واضحة الاتصال بما قبلها ، فإن الدخول إلى البيوت مظنة الاطلاع على العورات ، لذا أمر المؤمنون والمؤمنات بغض البصر بصورة حكم عام يشمل المستأذن للدخول إلى البيوت وغيره ، فيجب على المستأذن التحلي به عند الاستئذان والدخول ، منعا من انتهاك الحرمات المنهي عنها ، كما يجب على النساء عدم إبداء الزينة لأحد إلا للمحارم ، لما في ذلك من الفتنة الداعية إلى الوقوع في الحرام ، كالنظر الذي هو أيضا بريد الزنى ، فالجامع بين حكم النظر والحجاب سد الذرائع إلى الفساد.
التفسير والبيان :
(قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصارِهِمْ) أي قل يا محمد لعبادنا المؤمنين : كفّوا أبصاركم عما حرم الله عليكم ، فلا تنظروا إلا إلى ما أباح لكم النظر إليه. والتعبير بالمؤمنين : إشارة إلى أن من شأن المؤمنين أن يسارعوا إلى امتثال الأوامر. وليس المراد بغض البصر إغماض العين وإطباق أجفانها ، بل المراد جعلها خافضة الطرف من الحياء ، و (مِنْ) للتبعيض أي يغضوا بعض أبصارهم ، فلا يحملقوا بأعينهم في محرم ، ويكون المراد حينئذ توبيخ من يكثر التأمل في المحرم ، كما حدث في سبب النزول الذي أخرجه ابن مردويه ، وللتفرقة في الأمر بين غض البصر وحفظ الفروج ، فإن الأصل في الفروج التحريم إلا ما استثني ، وأما النظر فالأصل فيه الإباحة إلا ما استثني كما بينا.
فإن وقع البصر على محرّم من غير قصد ، وجب إغضاء الطرف وصرف النظر عنه سريعا؛ لما رواه مسلم في صحيحة وأحمد وأبو داود والترمذي والنسائي عن جرير بن عبد الله البجلي رضياللهعنه قال : «سألت النبي صلىاللهعليهوسلم عن نظر