وهذا نهي عن القسم القبيح الكاذب ؛ إذ لو كان قسمهم كما يجب لم يجز النهي عنه ، فتبين أن قسمهم كان لنفاقهم وأن باطنهم خلاف ظاهرهم.
(إِنَّ اللهَ خَبِيرٌ بِما تَعْمَلُونَ) أي أن الله مطلع على أعمالكم الظاهرة والباطنة ، خبير بكم وبمن يطيع ممن يعصي ، يعلم بأيمانكم الكاذبة وبكل ما في ضمائر عباده من الكفر والنفاق وخداع المؤمنين ، فيجازيكم على كل عمل سيء. وهذا تهديد ووعيد.
ثم رغبهم الله ورهبهم فقال :
(قُلْ : أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ) قل لهم أيها الرسول : اتبعوا كتاب الله وسنة رسوله ، وهذا دليل على أنهم لم يطيعوا ما فيهما.
(فَإِنْ تَوَلَّوْا ، فَإِنَّما عَلَيْهِ ما حُمِّلَ وَعَلَيْكُمْ ما حُمِّلْتُمْ) أي فإن تتولوا عنه وتتركوا ما جاءكم أو إن تولوا عن طاعة الله وطاعة رسوله ، فإن الذي عليه أي الرسول إبلاغ الرسالة وأداء الأمانة ، وعليكم بقبول ذلك وبطاعته فيما أمر ، وتعظيمه ، فما حملتم هو الطاعة.
(وَإِنْ تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا ، وَما عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلاغُ الْمُبِينُ) اي وإن تطيعوا هذا الرسول فيما أمركم به ونهاكم عنه ، تهتدوا إلى الحق ؛ لأنه يدعو إلى صراط مستقيم ، وما على الرسول إلا التبليغ البين والواضح والموضح لما تحتاجون إليه ، كقوله تعالى : (فَإِنَّما عَلَيْكَ الْبَلاغُ وَعَلَيْنَا الْحِسابُ) [الرعد ١٣ / ٤٠] وقوله سبحانه : (فَذَكِّرْ إِنَّما أَنْتَ مُذَكِّرٌ ، لَسْتَ عَلَيْهِمْ بِمُصَيْطِرٍ) [الغاشية ٨٨ / ٢١ ـ ٢٢].
فقه الحياة أو الأحكام :
قارن الله تعالى في هذه الآيات بين المؤمنين والمنافقين في شأن الطاعة :