ثم سأل الله تعالى أن يوفق أباه ، ويهديه للإسلام والإيمان ، ويخرجه من الشرك ، لأن أباه وعده في الظاهر أن يؤمن به ، فاستغفر له لهذا ، فلما بأن أنه لا يفي بما قال ، تبرأ منه.
وختم إبراهيم دعاءه بالستر التام والسلامة والنجاة فقال : (وَلا تُخْزِنِي يَوْمَ يُبْعَثُونَ) أي لا تفضحني على رؤوس الأشهاد ، أو لا تعذبني يوم القيامة. ثبت في البخاري عن أبي هريرة عن النبي صلىاللهعليهوسلم قال : «إن إبراهيم يرى أباه يوم القيامة ، عليه الغبرة والقترة» والغبرة هي القترة. وفي البخاري أيضا عن النبي صلىاللهعليهوسلم قال : «يلقى إبراهيم أباه ، فيقول : يا ربّ ، إنك وعدتني ألا تخزني يوم يبعثون ، فيقول الله تعالى : إني حرمت الجنة على الكافرين».
ووصف إبراهيم يوم القيامة بأنه يوم لا ينفع فيه مال ولا بنون أحدا ، ولكن ينفع القلب السليم وهو الخالص من الشك والشرك. أما الذنوب فلا يسلم منها أحد ، وهذا رأي أكثر المفسرين.
وخص القلب بالذكر ؛ لأنه الذي إذا سلم سلمت الجوارح ، وإذا فسد فسدت الجوارح.
ومن المعلوم أن ذكر الله تعالى على الدوام من أهم حالات وأسباب ترويض القلوب على السلامة والخلوص من الأوصاف الذميمة ، والاتصاف بالأوصاف الجميلة ، جاء في الأثر أو الحديث القدسي عن الله تعالى فيما رواه الترمذي عن أبي سعيد الخدري : «من شغله القرآن عن مسألتي أعطيته أفضل ما أعطي السائلين». وأخرج أحمد والترمذي وابن ماجه عن ثوبان قال : لما نزلت (وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ) الآية ، قال بعض أصحاب رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، لو علمنا أيّ المال خير اتخذناه ، فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «أفضله لسان ذاكر ، وقلب شاكر ، وزوجة صالحة تعين المؤمن على إيمانه».