بانتصارهم ودفع العذاب عنهم؟ لا يحصل كلا الأمرين ، فإنهم وآلهتهم وقود النار ، وحصب جهنم ، هم لها واردون ، كما قال :
(فَكُبْكِبُوا فِيها هُمْ وَالْغاوُونَ ، وَجُنُودُ إِبْلِيسَ أَجْمَعُونَ) أي فدهوروا فيها ، أي الآلهة غير المؤمنة وعبدتهم ، والقادة وأتباعهم يلقون فيها إلقاء مكررا ، بعضهم على بعض ، كما يلقى معهم متّبعو إبليس من عصاة الإنس والجن أجمعين ، أولهم وآخرهم. وتقديم إلقاء الآلهة ليشاهد الغاوون سوء حالهم ، وييأسوا من النجاة.
٣ ـ (قالُوا ـ وَهُمْ فِيها يَخْتَصِمُونَ ـ : تَاللهِ إِنْ كُنَّا لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ إِذْ نُسَوِّيكُمْ بِرَبِّ الْعالَمِينَ) أي قال أهل الغواية ، وهم في حال الغيظ الشديد من المخاصمة والمحاجة بينهم وبين الآلهة المعبودة والشياطين الداعية لتلك العبادة : والله لقد كنا في ضلال عن الحق واضح بيّن حين نجعلكم أيها الأصنام والأحجار والملائكة وبعض البشر متساوين في استحقاق العبادة وإطاعة الأمر مع رب العالمين من الإنس والجن : (إِنَّ ذلِكَ لَحَقٌّ تَخاصُمُ أَهْلِ النَّارِ) [ص ٣٨ / ٦٤]. وهذا خطاب في الحقيقة بدليل قولهم :
(وَما أَضَلَّنا إِلَّا الْمُجْرِمُونَ) أي والحق أنه ما دعانا إلى ذلك الخطأ العظيم إلا المجرمون من الشياطين والقادة والرؤساء ، كما قال تعالى : (وَقالُوا : رَبَّنا إِنَّا أَطَعْنا سادَتَنا وَكُبَراءَنا ، فَأَضَلُّونَا السَّبِيلَا) [الأحزاب ٣٣ / ٦٧]. وقد أفلسنا اليوم من وعودهم الكاذبة والآمال المعقودة كما قال :
(فَما لَنا مِنْ شافِعِينَ وَلا صَدِيقٍ حَمِيمٍ) أي فليس لنا اليوم شفيع يشفع ، ولا صديق ودود قريب يهمه أمرنا ، من الذين كنا نعدهم شفعاء وأصدقاء ؛ لأنهم كانوا يعتقدون في أصنامهم أنهم شفعاؤهم عند الله تعالى ، وكان لهم أصدقاء من شياطين الإنس يعدونهم بالنجاة والإنقاذ ، كما قال تعالى : (فَهَلْ لَنا مِنْ شُفَعاءَ