وهو تصوير محبّب ، ووصف جذاب يأخذ بمجامع القلوب ، فالجنة تقرّب وتدنى للمتقين فتتعلق بها نفوسهم ويأخذهم الفرح والحبور ، وتعمهم الغبطة ، وجهنم تبرز وتكشف للكافرين الذين ضلوا عن الهدى ، وتظهر لأهلها قبل أن يدخلوها حتى يستشعروا الروع والحزن ، فيبدو منها عنق ، فإذا زفرت زفرة بلغت القلوب منها الحناجر ، كما يستشعر أهل الجنة الفرح ، لعلمهم أنهم يدخلون الجنة ، وإن ريحها ليوجد من مسيرة كذا وكذا.
ويقال لأهل جهنم تقريعا وتوبيخا : أين آلهتكم من الأصنام والأنداد التي كنتم تعبدونها من دون الله ، هل ينصرونكم وينجونكم من عذاب الله ، وهل ينتصرون لأنفسهم؟!
إنهم يقلبون على رؤوسهم ، ويدهورون في النار ، ويلقى بعضهم على بعض ، الآلهة المعبودة وعابدوها وجنود إبليس أجمعون ، وهم من كان من ذريته ، وكل من دعاه إلى عبادة الأصنام ونحوها فاتّبعه.
حينئذ لا يجد هؤلاء الكفرة مناصا من الإقرار بكفرهم ، ويقول الإنس والشياطين والغاوون والمعبودون المتخاصمون في جهنم : والله إننا كنا في ضلال مبين ، أي في خسار وتبار وحيرة عن الحق بينة ، إذ اتخذنا مع الله آلهة ، فعبدناها كما يعبد الإله الحق ، ونجعلها مساوية في العبادة لرب العالمين ، وهذه الآلهة لا يستطيعون الآن نصرنا ولا نصر أنفسهم ، ولقد أضلنا الشياطين الذين زينوا لنا عبادة الأصنام ، أو أسلافنا الذين قلدناهم ، قال أبو العالية وعكرمة : (الْمُجْرِمُونَ) : إبليس وابن آدم القاتل : هما أوّل من سنّ الكفر والقتل وأنواع المعاصي.
فليس لنا شفعاء يشفعون لنا من الملائكة والنبيين والمؤمنين ، ولا صديق مشفق علينا. قال الزمخشري رحمهالله : وجمع الشافع لكثرة الشافعين ، ووحّد