ومن فاته عمل في النهار استدركه في الليل ، فيكون في ذلك عظة لمن أراد أن يتذكر ما يجب عليه ، ويتفكر في آلاء الله وعجائب صنعه ، ويشكر ربه على نعمه التي لا تعد ولا تحصى. جاء في الحديث الصحيح لدى الشيخين : «إن الله عزوجل يبسط يده بالليل ليتوب مسيء النهار ، ويبسط يده بالنهار ليتوب مسيء الليل». وقال أنس بن مالك : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم لعمر بن الخطاب ، وقد فاتته قراءة القرآن بالليل : «يا ابن الخطاب ، لقد أنزل الله فيك آية وتلا : (وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ خِلْفَةً لِمَنْ أَرادَ أَنْ يَذَّكَّرَ أَوْ أَرادَ شُكُوراً). ما فاتك من النوافل بالليل ، فاقضه في نهارك ، وما فاتك من النهار فاقضه في ليلك». وروى أبو داود الطيالسي عن الحسن أن عمر بن الخطاب أطال صلاة الضحى ، فقيل له : صنعت اليوم شيئا لم تكن تصنعه ، فقال : إنه بقي عليّ من وردي شيء فأحببت أن أتمه ، أو قال : أقضيه ، وتلا هذه الآية : (وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ خِلْفَةً لِمَنْ أَرادَ أَنْ يَذَّكَّرَ أَوْ أَرادَ شُكُوراً).
وهذه الآية وما قبلها من أدلة قدرة الله تعالى ووحدانيته ووجوده.
فقه الحياة أو الأحكام :
دلت الآيات على ما يلي :
١ ـ إن مما يثير العجب والدهشة أن الله تعالى بعد أن عدد النعم وبيّن كمال قدرته ، وجد المشركين باقين على إشراكهم به من لا يقدر على نفع ولا ضرر ، بسبب جهلهم وعنادهم ، وشأن الكافر أنه معين للشيطان على المعاصي.
٢ ـ لا سلطان للرسول صلىاللهعليهوسلم في مجال الإيمان والطاعة على أحد ، وإنما تقتصر مهمته على تبشير من أطاعه بالجنة ، وإنذار من عصاه بالنار ، يفعل ذلك بمحض الإخلاص وحب الخير للناس ، دون أن يطلب على التبليغ والإنذار أو الوحي والقرآن أجرا ولا جزاء ولا شكورا.