في الآيات السابقة إلى قبول الدين الذي دعا إليه موسى ، على سبيل الإجمال ، وفي المرتين الأخريين على سبيل التفصيل.
فدعاهم إلى الإيمان بالله سبحانه طريق الرشاد ، ثم حذّرهم من الاغترار بالدنيا ، وحثّهم على العمل للآخرة لدوامها ، وقارن بين دعوته لهم إلى الإيمان بالله تعالى طريق النجاة ، وبين دعوتهم له إلى عبادة الأصنام طريق النار. ثم أخبر سبحانه عن وقايته وعصمته من السوء الذي دبّروه له ، وإغراق آل فرعون ، وإدخالهم في جهنم يوم القيامة.
التفسير والبيان :
(وَقالَ الَّذِي آمَنَ : يا قَوْمِ اتَّبِعُونِ أَهْدِكُمْ سَبِيلَ الرَّشادِ) قال مؤمن آل فرعون يعظ قومه : يا قوم ، اتبعوني فيما أقول لكم وأدعوكم إليه ، أدلكم على طريق الرشاد والخير والسداد ، وهو اتباع دين الله الذي جاء به موسى.
وفيه تعريض بأن سبيل فرعون وآله سبيل الغي والضلال والفساد.
ثم حذرهم من الافتتان بنعيم الدنيا والاغترار بزخارفها ، فقال :
(يا قَوْمِ ، إِنَّما هذِهِ الْحَياةُ الدُّنْيا مَتاعٌ ، وَإِنَّ الْآخِرَةَ هِيَ دارُ الْقَرارِ) أي يا قوم ، ما هذه الحياة الدنيوية إلا مجرد متاع يستمتع به قليلا ثم يزول وينتهي بالموت ، وإن الآخرة هي دار الاستقرار والبقاء والخلود ، فهي دائمة باقية لا زوال عنها ، ولا انتقال منها ، والناس إما في النعيم وإما في الجحيم ، ولا ثالث غيرهما ، فالسعيد من سعى إلى النعيم ، والشقي من سعى إلى الجحيم ، لأن النعيم فيها دائم ، والعذاب فيها دائم.
وهذا نعى للدنيا الزائلة الفانية عما قريب ، وبشارة بالآخرة الدائمة الباقية.