فوصفهم الله تعالى وصفا يدلّ على حقيقتهم ، فقال :
(أُولئِكَ الَّذِينَ طَبَعَ اللهُ عَلى قُلُوبِهِمْ ، وَاتَّبَعُوا أَهْواءَهُمْ) أي أولئك المنافقون هم الذين ختم الله على قلوبهم بسبب نفاقهم ، فلم يؤمنوا ولم يهتدوا إلى الحق ، ولا اتجهت قلوبهم إلى شيء من الخير ، واتبعوا شهواتهم وأهواء نفوسهم في الكفر والعناد ، أي إنهم تركوا اتباع الحق إما بسبب عدم الفهم ، أو بسبب عدم الاستماع للاستفادة ، واتبعوا ضدّه ، فليس لديهم فهم صحيح ولا قصد حسن
ثم قابلهم الله تعالى بالمؤمنين المهتدين ، فقال :
(وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زادَهُمْ هُدىً ، وَآتاهُمْ تَقْواهُمْ) أي والذين قصدوا الهداية إلى طريق الخير ، وفقهم الله تعالى ، وشرح صدورهم ، فآمنوا بالله وعملوا بما أمرهم به ، وثبّتهم على الهدى ، وزادهم هدى بالتوفيق ، وألهمهم رشدهم ، وأعانهم على التقوى ، بالتوفيق للعمل الذي يرضاه.
ثم هددهم الله تعالى بمجيء القيامة ، فقال :
(فَهَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا السَّاعَةَ أَنْ تَأْتِيَهُمْ بَغْتَةً ، فَقَدْ جاءَ أَشْراطُها ، فَأَنَّى لَهُمْ إِذا جاءَتْهُمْ ذِكْراهُمْ) أي فهل ينتظر المنافقون والكافرون إلا مجيء القيامة التي تأتيهم فجأة وهم غافلون عنها ، وقد حدثت أماراتها وعلاماتها ، ومنها بعثة النّبي صلىاللهعليهوسلم ، ورد في الصحيحين وغيرهما من حديث أنس قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «بعثت أنا والساعة كهاتين ، وأشار بالوسطى والسبابة».
ومن أين لهم التذكر إذا جاءتهم الساعة (القيامة) حيث لا ينفعهم ذلك ، كقوله تعالى : (يَوْمَئِذٍ يَتَذَكَّرُ الْإِنْسانُ ، وَأَنَّى لَهُ الذِّكْرى؟) [الفجر ٨٩ / ٣٣] أي لا ينفعهم تذكرهم وإيمانهم حينئذ.
والمراد بالآية أن أدلة الإيمان بالله تعالى وصدق رسوله صلىاللهعليهوسلم وبالبعث كثيرة