الإعراب :
(فَأَوْلى لَهُمْ) مبتدأ وخبر ، أي فويل لهم. فأولى : اسم للتهديد والوعيد ، كأنه قال: الوعيد لهم ، وهو ممنوع من الصرف ، لأنه على وزن أفعل معرفة.
(فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ) : جملة شرطية ، وقعت اعتراضا بين اسم «عسى» وخبرها ، وتقديره : فهل عسيتم أن تفسدوا في الأرض ، وتقطعوا أرحامكم إن توليتم.
البلاغة :
(فَإِذا عَزَمَ الْأَمْرُ) مجاز عقلي ، لأنه نسب العزم إلى الأمر ، وهو لأهله ، مثل «نهاره صائم».
(فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ) التفات من الغيبة إلى الخطاب ، ليكون أبلغ في التوبيخ وآكد في التقريع. وفيه ما يسمى في البلاغة في غير القرآن بتجاهل العارف أي سلوك طريقة الاستخبار.
المفردات اللغوية :
(وَيَقُولُ الَّذِينَ آمَنُوا : لَوْ لا نُزِّلَتْ سُورَةٌ لَوْ لا) للحث أو الحض على حصول ما بعدها ، والمراد : يقول المؤمنون : هلا نزلت سورة في أمر الجهاد (مُحْكَمَةٌ) مبينة واضحة لا شبهة ولا احتمال فيها لمعنى آخر. (وَذُكِرَ فِيهَا الْقِتالُ) أي الأمر به. (مَرَضٌ) ضعف في الدين وشك ونفاق. (نَظَرَ الْمَغْشِيِّ عَلَيْهِ مِنَ الْمَوْتِ) أي نظر المغمى عليه خوفا من الموت ، أو المحتضر الذي لا يحرك بصره ، والمراد أن المنافقين يخافون من القتال ويكرهونه. (فَأَوْلى لَهُمْ) أي فالويل والهلاك لهم ، مأخوذ من الولي أي القرب ، ومعناه : الدعاء عليهم بأن يليهم المكروه ، أو يؤول إليه أمرهم. قال ابن جزي في التسهيل لعلوم التنزيل : وهي كلمة معناها التهديد والدعاء عليهم ، كقوله تعالى : (أَوْلى لَكَ فَأَوْلى) [القيامة ٧٥ / ٣٤].
(طاعَةٌ وَقَوْلٌ مَعْرُوفٌ) استئناف كلام جديد ، أي الطاعة والقول المعروف خير لهم ، أي أحسن وأمثل ، قال الرازي : لا يقال : طاعة نكرة لا تصلح للابتداء ، لأنا نقول : هي موصوفة ، يدل عليه قوله : (وَقَوْلٌ مَعْرُوفٌ) فإنه موصوف ، فكأنه تعالى قال : طاعة مخلصة وقول معروف خير (١). وقيل : ذلك حكاية قولهم لقراءة أبي «يقولون طاعة وقول معروف».
__________________
(١) تفسير الرازي : ٢٨ / ٦٢ وما بعدها.