(فَإِذا عَزَمَ الْأَمْرُ) جدّ أصحاب الأمر ، بأن فرض القتال. (فَلَوْ صَدَقُوا اللهَ) فيما زعموا من الحرص على الجهاد والإيمان والطاعة. (لَكانَ خَيْراً لَهُمْ) أي لكان الصدق خيرا لهم ، وجملة (فَلَوْ صَدَقُوا اللهَ ..) جواب (فَإِذا عَزَمَ) ولا يضر اقترانه بالفاء ، وجواب «لو» : لكان.
(فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ) بكسر السين وفتحها ، أي لعلكم ، أو فهل يتوقع منكم إلا الإفساد إن أعرضتم عن الإيمان والقتال. وكلمة «عسى» تدل على توقع حصول ما بعدها. وبما أن التوقع من الله غير متصور ؛ لأن الله عز وعلا عالم بما كان وبما يكون ، فتفيد هنا التحقق ، أي لعلكم إن أعرضتم وتوليتم عن دين الله تعالى وسنة رسوله صلىاللهعليهوسلم أن ترجعوا إلى ما كنتم عليه في الجاهلية من الإفساد في الأرض بالإغارة والنهب والسلب وقطع الأرحام ، ومقاتلة بعض الأقارب بعضا ووأد البنات. أو إن توليتم أمور الناس وتأمّرتم عليهم.
(أُولئِكَ) أي المفسدون. (الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللهُ) طردهم الله من رحمته لإفسادهم وقطعهم الأرحام. (فَأَصَمَّهُمْ) عن استماع الحق. (وَأَعْمى أَبْصارَهُمْ) جعلها كالعمياء عن طريق الهدى ، فلا يهتدون سبيله.
المناسبة :
بعد بيان حال الكافر والمنافق والمهتدي عند استماع آيات العقيدة أو الآيات العلمية من التوحيد والحشر والبعث وغيرها من أصول الاعتقاد في الإسلام ، بيّن تعالى حالهم عند نزول الآيات العملية ، كآيات الجهاد والصلاة والزكاة ونحوها ، فأوضح أن المؤمن كان ينتظر نزولها ، وإذا تأخر عنه التكليف كان يقول : هلا أمرنا بشيء من العبادة ، ليتقرب إلى ربه ويحظى برضاه ، وأن المنافق كان إذا نزل شيء من التكاليف البدنية أو المالية شقّ عليه ، ليعلم تباين الفريقين في العلم والعمل ، حيث لا يفهم المنافق العلم ولا يريد العلم ، والمؤمن يعلم ويجب العمل.
لذا كافأ الله المؤمنين بالرضا والمحبة والجنة ، وجوزي المنافقون باللعنة والطرد من الرحمة والخير.