قائمة الکتاب

إعدادات

في هذا القسم، يمكنك تغيير طريقة عرض الكتاب
بسم الله الرحمن الرحيم

التفسير المنير [ ج ٢٦ ]

176/323
*

وأحسوا بضعف موقفهم ، فقالوا لرسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : (فَاسْتَغْفِرْ لَنا) يعني فنحن مع إقامة العذر معترفون بالإساءة ، فاستغفر لنا واعف عنا في أمر الخروج.

وهذا إن قبل مع الناس فلا يقبل مع الله تعالى المطلع على حقائق الأمور ، لذا دل هذا الموقف على قصور النظر ، فضلا عن سوء الاعتقاد والجهل.

٢ ـ لقد فضحهم الله تعالى أيضا ، وكذبهم بأنهم يقولون بألسنتهم ما ليس في قلوبهم ، وهذا هو النفاق المحض ، فهم قوم منافقون ، ينطبق عليهم العذاب المذكور في الآية السابقة : (وَيُعَذِّبَ الْمُنافِقِينَ ..) [٦].

٣ ـ وردّ الله تعالى عليهم أيضا حين ظنوا أن التخلف عن الرسول صلى‌الله‌عليه‌وسلم يدفع عنهم الضّر ، ويعجل لهم النفع. والضّر : اسم لما ينال الإنسان من الهزال وسوء الحال. والنفع : ضد الضر.

ومضمون الرد بإيجاز : لن يستطيع أحد دفع ما أراده الله في عباده من خير أو شر.

٤ ـ وزيّف الله تعالى مدّعاهم ، وافتضح شأنهم ، وأبان سوء ظنهم حين قالوا : إن محمدا وأصحابه أكلة رأس (١) لا يرجعون ، وزعموا أن الرسول والمؤمنين سيقتلون ويستأصلون ، ولن يعودوا إلى أهليهم أبدا ، لأنهم قالوا : أهل مكة يقاتلون عن باب المدينة ، فكيف يكون حالهم إذا دخل المسلمون بلادهم ، وأحاطوا بهم؟!

وزيّن الشيطان النفاق في قلوبهم ، وظنوا ظنا سيئا أن الله تعالى لا ينصر رسوله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، وبذلك جمعوا بين النفاق وسوء الظن وسوء التقدير.

__________________

(١) أي هم قليل يشبعهم رأس واحد.