وأخرج ابن جرير أيضا عن قتادة قال : ذكر لنا أن هذه الآية نزلت في رجلين من الأنصار ، كانت بينهما مدارأة في حق بينهما ، فقال أحدهما للآخر : لآخذنه عنوة ، لكثرة عشيرته ، وإن الآخر دعا ليحاكمه إلى النبي صلىاللهعليهوسلم ، فأبى ، فلم يزل الأمر ، حتى تدافعوا ، وحتى تناول بعضهم بعضا بالأيدي والنعال ، ولم يكن قتال بالسيوف.
والخلاصة : يمكن أن تتعدد أسباب النزول ، والوقائع المذكورة متشابهة.
المناسبة :
بعد أن حذر الله تعالى المؤمنين من نبأ الفاسق ، أبان هنا ما يترتب على خبره من الفتنة والنزاع ، وربما الاقتتال ، فطلب تعالى الإصلاح بالوسائل السلمية بين المتنازعين كالنصيحة والوعظ والإرشاد والتحكيم ، فإن بغت إحدى الفئتين على الأخرى ، فتقاتل الباغية الظالمة. ثم علل الأمر بالصلح بوجود رباط الأخوة بين الفريقين ، ثم أمر الوسطاء والأطراف المتنازعة بتقوى الله وطاعة أوامره.
التفسير والبيان :
(وَإِنْ طائِفَتانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُما) أي إذا تقاتل فريقان من المسلمين ، فيجب على ولاة الأمور الإصلاح بالنصح والدعوة إلى حكم الله والإرشاد وإزالة الشبه وأسباب الخلاف.
والتعبير بإن للإشارة إلى أنه لا ينبغي أن يقع القتال بين المسلمين ، وأنه إن وقع ، فإنما هو نادر قليل. والخطاب في الآية لولاة الأمور ، والأمر فيها للوجوب.
وقد استدل البخاري وغيره بهذا على أن المعصية وإن عظمت لا تخرج من