الظاهر ، باطل بطلانا مطلقا بحسب الظن لا القطع. أما المرتد فتأويله باطل قطعا ، فليس باغيا ، وكذا الخوارج في الاعتقاد دون قتال المسلمين وهم صنف من المبتدعة يكفّرون من أتى بمعصية كبيرة ، ويسبّون بعض الأئمة ، ليسوا بغاة ، وكذلك مانع حق الشرع لله أو للعباد ليس باغيا ، لأنه لا تأويل له.
ولا بد أن يكون للبغاة شوكة وعدد وعدد يحتاج الإمام في دفعهم إلى كلفة ببذل مال أو إعداد رجال ، فإن كانوا أفرادا يسهل ضبطهم فليسوا بأهل بغي.
وأكثر العلماء على أن البغاة ليسوا بفسقة ولا كفرة ، لقوله تعالى : (وَإِنْ طائِفَتانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا). وقال علي رضياللهعنه : إخواننا بغوا علينا ، ولكنهم يخطئون فيما يفعلون ، ويذهبون إليه من التأويل ، مثل الخوارج الذين خرجوا على عليّ رضياللهعنه ، ومثل معاوية وأتباعه كانوا بغاة للحديث المشهور أن عمارا تقتله الفئة الباغية ، ومثل مانعي الزكاة في عهد أبي بكر.
٣ ـ في قوله تعالى : (وَإِنْ طائِفَتانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ) دليل على أن المؤمن بارتكاب المعصية الكبيرة كالقتل وعقوق الوالدين وأكل الربا وأكل مال اليتيم لا يخرج عن كونه مؤمنا ، لأن الباغي جعل من إحدى الطائفتين ، وسماهما تعالى مؤمنين.
٤ ـ إن قتال الفئة الباغية لدفع الصائل. وفصل العلماء الحكم في البغاة فقالوا : إن اقتتلت فئتان على البغي منهما جميعا ، أصلح بينهما ، فإن لم يصطلحا وأقامتا على البغي ، قوتلتا.
وإن كانت إحداهما باغية على الأخرى ، فالواجب أن تقاتل فئة البغي إلى أن ترضى بالصلح ، فإن تم الصلح بينها وبين المبغي عليها ، وجب عقده بالقسط والعدل. فإن أثيرت شبهة أزيلت بالحجة النيّرة والبرهان القاطع الدال على الحق. وفي الآية دلالة على أن اعتقاد مذاهب أهل البغي لا يوجب قتالهم ما لم