تحرزا من الوقوع في خطأ ، والحكم على بعضهم بما لا يكون مصيبا فيه. وقال ابن فورك : إن سبيل ما جرى بين الصحابة من المنازعات ، كسبيل ما جرى بين إخوة يوسف مع يوسف.
١٥ ـ إنما المؤمنون إخوة في الدين والحرمة ، لا في النسب ، ذكر القرطبي : أخوّة الدين أثبت من أخوة النسب ، فإن أخوّة النسب تنقطع بمخالفة الدين ، وأخوة الدين لا تنقطع بمخالفة النسب (١). جاء في الصحيحين عن أبي هريرة رضياللهعنه قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «لا تحاسدوا ولا تباغضوا ولا تجسّسوا ولا تحسّسوا ولا تناجشوا (٢) ، وكونوا عباد الله إخوانا».
وقد سبق إيراد أحاديث كثيرة في تآخي المسلمين ، فالمسلمون إخوة ، وكأن الإسلام أب لهم ، ينتمون إليه كما ينتمي الإخوة إلى أبيهم :
أبي الإسلام لا أب لي سواه |
|
إذا افتخروا بقيس أو تميم |
١٦ ـ في آية (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ) والتي قبلها دليل كما تقدم على أن البغي لا يزيل اسم الإيمان ، لأن الله تعالى سماهم إخوة مؤمنين ، مع كونهم باغين ، قال الحارث الأعور : سئل علي بن أبي طالب رضياللهعنه ـ وهو القدوة ـ عن قتال أهل البغي من أهل الجمل وصفّين : أمشركون هم؟قال : لا ، من الشرك فرّوا ، فقيل : أمنافقون؟ قال : لا ، لأن المنافقين لا يذكرون الله إلا قليلا ، قيل له : فما حالهم؟ قال : إخواننا بغوا علينا.
وفي هذه الآية دليل على جواز إطلاق لفظ الإخوة بين المؤمنين من جهة
__________________
(١) تفسير القرطبي : ١٦ / ٣٢٢
(٢) التحسس : الاستماع لحديث القوم ، والتجسس : تتبع العورات والمعايب ، والتناجش : أن تزيد في ثمن سلعة ولا رغبة لك في شرائها.