تتعلق بإيمان جماعة من الفقراء كعمّار وصهيب وابن مسعود ، فقالوا : لو كان هذا الدين خيرا ما سبقنا إليه هؤلاء. ثم رد الله تعالى عليهم بأن التوراة دلت على صدق القرآن ، وبشرت ببعثة محمد صلىاللهعليهوسلم.
وبعد تقرير دلائل التوحيد والنبوة وذكر شبهات المنكرين والإجابة عنها ، ذكر تعالى جزاء المؤمنين العاملين عملا صالحا ، طبقا لما جاء به القرآن المجيد.
التفسير والبيان :
(وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آمَنُوا : لَوْ كانَ خَيْراً ما سَبَقُونا إِلَيْهِ) أي قال كفار مكة أو اليهود لأجل إيمان بعض الفقراء والمستضعفين ، كبلال وعمار وصهيب وخباب ونحوهم رضياللهعنهم : لو كان هذا الدين حقا وكان ما جاء به محمد من القرآن والنبوة خيرا ما سبقونا إلى الإيمان به ، ظنا منهم أنهم سبّاقون إلى المكارم ، وأن لهم وجاهة عند الله ، وله بهم عناية.
وقد غلطوا في ذلك غلطا فاحشا ، فإن الله سبحانه يصطفي للنبوة ولدينه من يشاء ، والآية كقوله تعالى : (وَكَذلِكَ فَتَنَّا بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لِيَقُولُوا : أَهؤُلاءِ مَنَّ اللهُ عَلَيْهِمْ مِنْ بَيْنِنا) [الأنعام ٦ / ٥٣] أي يتعجبون كيف اهتدى هؤلاء دوننا.
وقوله تعالى : (لِلَّذِينَ آمَنُوا) معناه كما ذكر الزمخشري : لأجلهم ، يعني أن الكفار قالوا لأجل إيمان الذين آمنوا : لو كان خيرا ما سبقونا إليه. ويصح أن يكون المعنى : وقال الذين كفروا للذين آمنوا ، على وجه الخطاب ، كما تقول : قال زيد لعمرو ، ثم تترك الخطاب وتنتقل إلى الغيبة ، كقوله تعالى : (حَتَّى إِذا كُنْتُمْ فِي الْفُلْكِ وَجَرَيْنَ بِهِمْ) [يونس ١٠ / ٢٢].
ثم وصف الله تعالى حال أولئك الكفار بعد ذلك القول وأجاب عنه بقوله :