ولا حركة ، كما قال تعالى : (وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحافِظِينَ. كِراماً كاتِبِينَ. يَعْلَمُونَ ما تَفْعَلُونَ) [الانفطار ٨٢ / ١٠ ـ ١٢]. والرقيب : المتبع للأمور ، والحافظ لها ، والعتيد : الحاضر الذي لا يغيب والمهيأ للحفظ والشهادة.
وظاهر الآية أن الملك يكتب كل شيء من الكلام ، وقال ابن عباس رضياللهعنهما : إنما يكتب ما فيه ثواب وعقاب. يؤيد الأول الحديث الحسن الصحيح : «إن الرجل ليتكلم بالكلمة من رضوان الله تعالى ما يظن أن تبلغ ما بلغت ، يكتب الله عزوجل له بها رضوانه إلى يوم يلقاه ، وإن الرجل ليتكلم بالكلمة من سخط الله تعالى ما يظن أن تبلغ ما بلغت ، يكتب الله تعالى عليه بها سخطه إلى يوم القيامة» (١) فكان علقمة يقول : كم من كلام قد منعنيه حديث بلال بن الحارث. قال الحسن البصري وقتادة : يكتبان جميع الكلام ، فيثبت الله تعالى من ذلك الحسنات والسيئات ، ويمحو غير ذلك.
وقال الحسن البصري ، وتلا هذه الآية : (عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمالِ قَعِيدٌ) : يا ابن آدم ، بسطت لك صحيفة ، ووكّل بك ملكان كريمان ، أحدهما عن يمينك ، والآخر عن شمالك ، فأما الذي عن يمينك فيحفظ حسناتك ، وأما الذي عن يسارك ، فيحفظ سيئاتك ، فاعمل ما شئت ، أقلل أو أكثر ، حتى إذا متّ ، طويت صحيفتك ، وجعلت في عنقك معك في قبرك ، حتى تخرج يوم القيامة ، فعند ذلك يقول تعالى : (وَكُلَّ إِنسانٍ أَلْزَمْناهُ طائِرَهُ فِي عُنُقِهِ ، وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ كِتاباً يَلْقاهُ مَنْشُوراً ، اقْرَأْ كِتابَكَ كَفى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيباً) ثم يقول : عدل ، والله ، فيك من جعلك حسيب نفسك.
وبعد بيان إنكارهم للبعث والردّ عليهم بإخبارهم عن قدرته وعلمه ، أخبرهم
__________________
(١) رواه أحمد والترمذي والنسائي وابن ماجه ، وقال الترمذي : حسن صحيح ، وله شاهد في الصحيح.