الله تعالى عن ملاقاة صدق ذلك حين الموت وحين القيامة ، وعن قرب القيامتين : الصغرى والكبرى ، فقال عن الأولى :
(وَجاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ ، ذلِكَ ما كُنْتَ مِنْهُ تَحِيدُ) أي يا أيها الإنسان ، جاءت شدة الموت وغمرته التي تغشي الإنسان ، وتغلب على عقله ببيان اليقين الذي يتضح له الحق ، ويظهر له صدق ما جاءت به الرسل من الأخبار بالبعث والوعد والوعيد ، والذي كنت تمتري فيه ، ذلك الموت أو ذلك الحق الذي كنت تميل عنه وتفرّ منه. والخطاب للإنسان على طريق الالتفات في قوله : (وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ) إذا فسر ب : ذلك الموت ، والخطاب للفاجر إذا فسر ب : ذلك الحق.
والباء في (بِالْحَقِ) للتعدية ، أي أحضرت السكرة حقيقة الأمر وجلية الحال ، من تحقق وقوع الموت ، أو من سعادة الميت أو ضدها ، كما نطق بها الكتاب والسّنة.
جاء في الحديث الصحيح عن عائشة عن النّبي صلىاللهعليهوسلم : أنه لما تغشاه الموت ، جعل يمسح العرق عن وجهه ، ويقول : «سبحان الله ، إن للموت لسكرات».
ثم قال الله تعالى مخبرا عن القيامة الكبرى :
(وَنُفِخَ فِي الصُّورِ ذلِكَ يَوْمُ الْوَعِيدِ) أي ونفخ في الصور نفخة البعث ، ذلك الوقت الذي يكون عظيم الأهوال هو يوم الوعيد الذي أوعد الله به الكفار بالعذاب في الآخرة.
جاء في الحديث الثابت : أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال : «كيف أنعم ، وصاحب القرن قد التقم القرن ، وحنى جبهته ، وانتظر أن يؤذن له؟ قالوا : يا رسول الله ، كيف نقول؟ قال صلىاللهعليهوسلم : قولوا : حسبنا الله ونعم الوكيل ، فقال القوم : حسبنا الله ونعم الوكيل».