(وَجاءَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَعَها سائِقٌ وَشَهِيدٌ) أي وأتت كل نفس من نفوس البشر ، بالبدن والروح ، معها ملك يسوقها إلى المحشر ، وملك يشهد عليها أو لها بالأعمال من خير أو شرّ.
ويقال للإنسان حينئذ :
(لَقَدْ كُنْتَ فِي غَفْلَةٍ مِنْ هذا ، فَكَشَفْنا عَنْكَ غِطاءَكَ ، فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ) أي يقال للكافر أو لكل أحد من برّ وفاجر : لقد كنت في الدنيا غافلا عن هذا المصير وهذا اليوم ، فرفعنا عنك الحجاب الذي كان لديك ، والذي كان بينك وبين أمور الآخرة ، فبصرك اليوم قوي نافذ تبصر به ما كان يخفى عليك في حياتك ، لأن كل أحد يوم القيامة يكون مستبصرا مصيره ، ومدركا ما أنكره في الدنيا.
فقه الحياة أو الأحكام :
دلت الآيات على ما يأتي :
١ ـ إن خلق الله تعالى الإنسان ، وعلمه بكل ما يصدر منه حتى حديث النفس ، دليل على قدرته تعالى على البعث ، وإعادة الناس أحياء يوم القيامة.
٢ ـ إن علم الله بالإنسان وغيره شامل ، لا يخفى عليه شيء ، ولا يحجب عنه شيء ، وقد مثّل تعالى قربه من الإنسان بأنه أقرب إليه من حبل الوريد ، وهو مجاز يراد به قرب علمه منه ، وشمول معلومه عنه ، وليس المراد قرب المسافة. قال القشيري في آية : (وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ) : في هذه الآية هيبة وفزع وخوف لقوم ، وروح وأنس وسكون قلب لقوم.
٣ ـ إن الله تعالى أعلم بأحوال الإنسان من غير وساطة ملك ، فهو لا يحتاج إلى ملك يخبر ، ولكن توكيل ملكي اليمين والشمال بكل إنسان للإلزام بالحجة ، وتوكيد الأمر عليه.