امتلأت (١) ، ويحتمل أنها تطلب الزيادة بعد امتلائها غيظا على العصاة ، وتضييقا للمكان عليهم.
قال أهل المعاني : سؤال جهنم وجوابها من باب التخييل والتصوير الذي يقصد به تقرير وتصوير المعنى في النفس وتثبيته ، وفيه معنيان كما تقدم : أحدهما ـ أنها تمتلئ مع اتساعها ، حتى لا يزاد عليها شيء ، والثاني ـ أنها من السعة حيث يدخلها من يدخلها ، وفيها موضع للمزيد (٢).
وقد أورد ابن كثير عدة أحاديث تؤيد مدلول الآية بالمعنى الأول وهو استكثارها الداخلين ، لقوله تعالى : (لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ) [هود ١١ / ١١٩] منها : ما أخرجه البخاري عن أنس بن مالك رضياللهعنه عن النبي صلىاللهعليهوسلم قال : «يلقى في النار ، وتقول : هل من مزيد؟ حتى يضع قدمه فيها ، فتقول : قط قط» أي كفى كفى.
وأخرج مسلم في صحيحة عن أبي سعيد رضياللهعنه قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «احتجّت الجنة والنار ، فقالت النار : فيّ الجبّارون والمتكبرون ، وقالت الجنة : فيّ ضعفاء الناس ومساكينهم ، فقضي بينهما ، فقال للجنة : إنما أنت رحمتي أرحم بك من أشاء من عبادي ، وقال للنار : إنما أنت عذابي أعذّب بك من أشاء من عبادي ، ولكل واحد منكما ملؤها».
فقه الحياة أو الأحكام :
دلت الآيات على ما يأتي :
١ ـ يقدّم الملك الموكّل بالإنسان ما عنده من كتابة عمله المعدّ المحفوظ.
__________________
(١) وعلى هذا يكون الاستفهام الأول للتقرير ، فالله يقررها بأنها امتلأت ، أي يجعلها تقر بذلك ، والاستفهام الثاني بمعنى النفي ، أي لا أسع غير ذلك ، وهو جواب الاستفهام الأول.
(٢) الكشاف : ٣ / ١٦٣