المفردات اللغوية :
(وَكَمْ أَهْلَكْنا) أي كثيرا ما أهلكنا. (قَبْلَهُمْ) قبل قومك كفار قريش. (مِنْ قَرْنٍ) القرن : الأمة والجماعة والجيل من الناس ، أي أهلكنا قبل كفار قريش أمما وقرونا وجماعات كثيرة من الكفار. (هُمْ أَشَدُّ مِنْهُمْ بَطْشاً) قوة ، كعاد وفرعون. (فَنَقَّبُوا فِي الْبِلادِ) بحثوا وفتشوا وساروا في الأرض يطلبون الرزق والمكسب. (هَلْ مِنْ مَحِيصٍ) مهرب لهم من الله أو من الموت.
(إِنَّ فِي ذلِكَ لَذِكْرى) أي إن فيما ذكر في هذه السورة لتذكرة وعظة وعبرة (لِمَنْ كانَ لَهُ قَلْبٌ) عقل يعي به ويتفكر في الحقائق. (أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ) أصغى بسمعه للوعظ. (وَهُوَ شَهِيدٌ) حاضر الذهن ليفهم المعاني. وفي تنكير كلمة (قَلْبٌ) وإبهامه إشعار بأن كل قلب لا يتفكر ولا يتدبر كأنه غير موجود.
(فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ) أولها الأحد وآخرها الجمعة. (لُغُوبٍ) تعب وإعياء ، وهو رد لما زعمت اليهود من أنه تعالى بدأ خلق العالم يوم الأحد ، وفرغ منه يوم الجمعة ، واستراح يوم السبت ، واستلقى على العرش ، فالله منزه عن صفات المخلوقين ، لا يتعرض لتعب حتى يستريح منه ، وإذا أراد شيئا قال له : (كُنْ فَيَكُونُ).
(فَاصْبِرْ عَلى ما يَقُولُونَ) أي اصبر أيها النبي على ما يقول المشركون من إنكارهم البعث ، فإن من قدر على خلق العالم بلا إعياء ، قادر على بعثهم والانتقام منهم ، واصبر أيضا على ما يقول اليهود وغيرهم من التشبيه للخالق والتكذيب لك ، والكفر. (وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ) أي نزهه عن العجز وعن كل نقص ، مصحوبا بالحمد والشكر. (قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ الْغُرُوبِ) أي صلاة الفجر والعصر والظهر.
(وَمِنَ اللَّيْلِ فَسَبِّحْهُ) أي سبحه بعض الليل ، وصل العشاءين. (وَأَدْبارَ السُّجُودِ) أعقاب الصلوات ، جمع دبر ، وقرئ بالكسر : (وَأَدْبارَ) مصدر أدبر ، أي صل النوافل المسنونة عقب الصلوات الفرائض المكتوبة ، وسبح التسبيح المعروف في هذه الأوقات مع الحمد.
(وَاسْتَمِعْ) أيها المخاطب لما أخبرك به من أحوال القيامة ، وفي هذا تهويل وتعظيم للمخبر به. (يَوْمَ يُنادِ الْمُنادِ) هو إسرافيل ، فيقول : أيتها العظام البالية ، والأوصال المتقطعة ، واللحوم المتمزقة ، والشعور المتفرقة ، إن الله يأمركنّ أن تجتمعن لفصل القضاء (مِنْ مَكانٍ قَرِيبٍ) أي كما ذكر الزمخشري : من صخرة بيت المقدس (١) ، وهي أقرب الأرض من السماء ، وهي وسط الأرض ، أو من أقرب الأماكن إلى الناس بحيث يصل نداؤه إلى الكل على السواء.
__________________
(١) هذا ـ كما قال قتادة ـ منقول عن كعب الأحبار. وفي تقديري كما ذكر الرازي أن المراد ظهور النداء لكل مخلوق ، وليس المراد من المكان القريب المكان نفسه.