السجود : النوافل بعد الفرائض أو التسبيح بعد الصلاة. ومن قال : إن المراد بالتسبيح الصلاة ، فلأن الصلاة تسمى تسبيحا ، لما فيها من تسبيح الله تعالى.
وقد جاء الأمر بالتسبيح بعد الصلاة في أحاديث كثيرة منها : ما أخرجه البخاري ومسلم في صحيحيهما عن أبي هريرة رضياللهعنه أنه قال : «جاء فقراء المهاجرين ، فقالوا : يا رسول الله ، ذهب أهل الدّثور (١) بالدرجات العلى والنعيم المقيم ، فقال النبي صلىاللهعليهوسلم : وما ذاك ، قالوا : يصلون كما نصلي ، ويصومون كما نصوم ، ويتصدقون كما نتصدق ، ويعتقون كما نعتق ، قال صلىاللهعليهوسلم : أفلا أعلمكم شيئا إذا فعلتموه سبقتم من بعدكم ، ولا يكون أحد أفضل منكم إلا من فعل مثل ما فعلتم؟ تسبّحون وتحمّدون وتكبّرون دبر كل صلاة ثلاثا وثلاثين ، فقالوا : يا رسول الله ، سمع إخواننا أهل الأموال بما فعلنا ، ففعلوا مثله ، فقال صلىاللهعليهوسلم : (ذلِكَ فَضْلُ اللهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشاءُ)» [المائدة ٥ / ٥٤]. وجاء في صحيح الحديث : أن النبي صلىاللهعليهوسلم كان يقول في دبر الصلاة المكتوبة : «لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، له الملك وله الحمد ، وهو على كل شيء قدير ، اللهم لا مانع لما أعطيت ، ولا معطي لما منعت ، ولا ينفع ذا الجدّ منك الجدّ» أي لا ينفع ذا الغنى منك غناه ، وإنما ينفعه الإيمان والطاعة.
٣ ـ (وَاسْتَمِعْ يَوْمَ يُنادِ الْمُنادِ مِنْ مَكانٍ قَرِيبٍ) أي واستمع أيها الرسول صيحة القيامة وهي النفخة الثانية في الصور من إسرافيل عليهالسلام ، يوم ينادي نداء يسمعه كل فرد من أفراد المحشر ، قائلا : هلموا إلى الحساب ، فيخرجون من قبورهم.
ولا مانع من عطف (وَاسْتَمِعْ) على (فَاصْبِرْ وَسَبِّحْ) مع أن الصبر والتسبيح يكون في الدنيا ، والاستماع يكون يوم القيامة ، لأن المراد كما في
__________________
(١) المراد بهم : الأغنياء أصحاب الثراء ، من الدّثار : وهي الثياب الخارجية.