والآية تقرير للمعاد ، لأن من قدر على خلق السموات والأرض ، ولم يتعب بخلقها ، قادر على أن يحيي الموتى بطريق الأولى والأحرى ، كما قال تعالى في آية أخرى : (أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللهَ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ ، وَلَمْ يَعْيَ بِخَلْقِهِنَّ ، بِقادِرٍ عَلى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتى ، بَلى ، إِنَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) [الأحقاف ٤٦ / ٣٣] وكما قال عزوجل : (لَخَلْقُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ أَكْبَرُ مِنْ خَلْقِ النَّاسِ) [غافر ٤٠ / ٥٧].
ذكر الرازي أن المراد بقوله (فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ) ستة أطوار ، لا الأيام المعروفة في وضع اللغة ، لأن اليوم عبارة عن زمان مكث الشمس فوق الأرض من الطلوع إلى الغروب ، وقبل خلق السموات لم يكن شمس ولا قمر ، لكن اليوم يطلق ويراد به الوقت أو الحين (١).
ثم أوضح الله تعالى لنبيه الموقف الذي يتخذه في مواجهة منكري البعث واليهود المشبّهة للخالق بالمخلوق ، فقال آمرا له بعدة أوامر هي :
١ ـ (فَاصْبِرْ عَلى ما يَقُولُونَ) أي اصبر أيها الرسول على ما يقوله المشركون المكذبون بالبعث ، وعلى ما يقوله اليهود من حديث التعب والاستلقاء ، فتلك أقوال باطلة لا دليل عليها.
٢ ـ (وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ الْغُرُوبِ ، وَمِنَ اللَّيْلِ فَسَبِّحْهُ وَأَدْبارَ السُّجُودِ) أي ونزّه دائما الله ربك عن كل عجز ونقص ، واحمده دائما ، قائلا : سبحان الله وبحمده ، وقت الفجر ووقت العصر ، وبعض الليل ، وفي أعقاب الصلوات.
وقال ابن عباس : المراد بالتسبيح والتحميد قبل طلوع الشمس : صلاة الفجر ، وقبل الغروب : الظهر والعصر ، ومن الليل : العشاءان ، وأدبار
__________________
(١) تفسير الرازي : ٢٨ / ١٨٣ ـ ١٨٤