ثم هدد المشركين بقوله :
(نَحْنُ أَعْلَمُ بِما يَقُولُونَ ، وَما أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِجَبَّارٍ) أي نحن نعلم علما محيطا بما يقول لك المشركون ، من التكذيب فيما جئت به ، ومن إنكار البعث والتوحيد ، وما أنت عليهم بمسلّط يجبرهم ، ويقسرهم على الإيمان ، إنما أنت مبلّغ ، كقوله تعالى : (فَإِنَّما عَلَيْكَ الْبَلاغُ ، وَعَلَيْنَا الْحِسابُ) [الرعد ١٣ / ٤٠] وقوله سبحانه : (فَذَكِّرْ إِنَّما أَنْتَ مُذَكِّرٌ ، لَسْتَ عَلَيْهِمْ بِمُصَيْطِرٍ) [الغاشية ٨٨ / ٢١ ـ ٢٢].
٤ ـ (فَذَكِّرْ بِالْقُرْآنِ مَنْ يَخافُ وَعِيدِ) أي فذكّر أيها الرسول بهذا القرآن العظيم ، وبلّغ أنت رسالة ربك ، فإنما يتذكر به من يخاف الله ويخشى عقابه ووعيده للعصاة بالعذاب ، ويرجو وعده وفضله ورحمته ، وأما من عداهم فلا تشتغل بهم.
فقه الحياة أو الأحكام :
هذه الآيات تعبر عن التحدي لدعوة النبي صلىاللهعليهوسلم وكيفية مواجهة التحدي والصمود أمامه ، أو ما يعبر عنه اليوم الفعل ورد الفعل. ويفهم منها ما يأتي :
١ ـ هدد الله المشركين من كفار قريش وأمثالهم وأنذرهم وحذرهم بعذاب الآخرة الأليم ، وبعذاب الدنيا المدمر الذي أوقعه بمن قبلهم من الأمم والشعوب المكذبة رسلها ، مع أنهم كانوا أقوى وأصلب وأغنى وأكثر مالا وأرقى مدنية وحضارة من أهل مكة.
فلم يجدوا مهربا ولا مفرا من الإهلاك والتدمير ، وكذلك لا يجد أمثالهم ملجأ ولا محيدا من إيقاع العذاب المماثل بهم.
٢ ـ إن في هذا الإنذار والتهديد والتخويف والمذكور في هذه السورة تذكرة وموعظة لكل ذي قلب أي عقل يتدبر به ، فكنى بالقلب عن العقل ، لأنه