موضعه في رأي القرطبي وغيره من المتقدمين.
٣ ـ بالرغم من هذا التذكير العام بما سبق ، أعاد الله تعالى دليل إمكان البعث مرة أخرى للرد على منكريه ، وللرد على اليهود الذين زعموا أن الله تعالى بعد خلق السموات والأرض في ستة أيام استراح في اليوم السابع وهو يوم السبت ، فأكذبهم الله تعالى في ذلك.
٤ ـ علّم الله نبيه محمدا صلىاللهعليهوسلم في مواجهة هذه التحديات لرسالته بأربعة أوامر : هي الصبر على ما يقولون ، والاستعانة على ذلك بالتسبيح والصلاة ، لتقوية الإرادة والعزيمة بالصبر ، وتقوية الروح بالتسبيح والصلاة ، ففي ذلك لقاء مع خالق الوجود ، وتفويض له ، واستلهام منه ، واستعانة واستغاثة به وبقدرته الفائقة الباهرة.
والأمر الثالث : الاشتغال بتنزيه الله تعالى مدى الدهر ، كقوله سبحانه : (وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ) [الحجر ١٥ / ٩٩] أي الموت ، والاستماع لما يخبره الله به من أهوال القيامة ، وتحذيره أن يكون مثل هؤلاء المعرضين.
والأمر الرابع : التذكير بالقرآن ، ومتابعة تبليغ الرسالة ودعوة الله ، لمن يخاف عقاب الله ويخشى وعيده. كان قتادة يقول : اللهم اجعلنا ممن يخاف وعيدك ، ويرجو موعودك يا بارّ يا رحيم. ونحن نقول معه ذلك إلى الأبد.
وتخلل هذه الأوامر الأربعة إخبار بأمور أربعة تساعد على امتثال الأوامر واستهلاك طاقات التحدي واستيعابها وإنهائها : وهي التذكير بسماع صيحة القيامة وصيحة البعث والحشر للجزاء والحساب يوم خروج الناس من القبور ، وإعلان حقيقة كون الله هو المحيي والمميت وإليه مصير الخلائق للحساب والجزاء ، وإظهار كيفية تصدع الأرض وتشققها لخروج الناس الموتى منها أحياء مسرعين لإجابة نداء المنادي إلى المحشر ، علما بأن ذلك الحشر والجمع هيّن يسير على الله ،