وبشّره بقبول أعماله الصالحة ، والتجاوز عن سيئاته ، وجعله في عداد أصحاب الجنة ، وعدا منجزا لا خلف فيه.
التفسير والبيان :
(وَوَصَّيْنَا الْإِنْسانَ بِوالِدَيْهِ إِحْساناً) أي وصيناه وأمرناه أن يحسن إليهما إحسانا في الحياة وبعد الممات بالحنو عليهما وبرهما والإنفاق عليهما عند الحاجة والبشاشة عند لقائهما ، كما جاء في آيات أخرى مثل قوله تعالى : (وَقَضى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوالِدَيْنِ إِحْساناً ..) [الإسراء ١٧ / ٢٣] وقوله سبحانه : (أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوالِدَيْكَ ، إِلَيَّ الْمَصِيرُ) [لقمان ٣١ / ١٤].
وجاءت الأحاديث النبوية الكثيرة المؤيدة للقرآن في هذا الأدب العظيم ، وجعل بر الأبوين من أفضل الأعمال ، وعقوقهما من الكبائر ، ووصل البر بعد الوفاة ، منها ما أخرجه البخاري عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضياللهعنهما عن النبي صلىاللهعليهوسلم قال : «الكبائر : الإشراك بالله ، وعقوق الوالدين ، وقتل النفس ، واليمين الغموس» ومنها ما أخرجه أبو داود وابن ماجه وابن حبان عن أبي أسيد مالك بن ربيعة الساعدي رضياللهعنه قال : «بينا نحن جلوس عند رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، إذ جاءه رجل من بني سلمة ، فقال : يا رسول الله ، هل بقي من برّ أبويّ شيء أبرّهما به بعد موتهما؟ فقال : نعم ، الصلاة عليهما ، والاستغفار لهما ، وإنفاذ عهدهما من بعدهما ، وصلة الرحم التي لا توصل إلا بهما ، وإكرام صديقهما».
ثم ذكر سبب التوصية وخص الأم لزيادة العناية والاهتمام بها ، فقال تعالى :
(حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهاً وَوَضَعَتْهُ كُرْهاً) أي حملته في بطنها بمشقة ، وولدته بمشقة ، فإنها قاست بسببه في حال حمله مشقة وتعبا من وحم وغشيان وثقل وكرب ، ووضعته بمشقة أيضا من ألم الطّلق وشدته ، ووجع الولادة ثم الرضاع