والتربية ، وكانت أيام الوحم تمتنع من الطعام والشراب ، وتعاف كل شيء ، مما يستدعي البر بها والإحسان الزائد إليها ، كما قال تعالى :
(وَحَمْلُهُ وَفِصالُهُ ثَلاثُونَ شَهْراً) أي إن مدة حمله وفطامه ثلاثون شهرا ، أي عامان ونصف ، عانت فيهما الأم آلام السهر ، وعناء الرضاع والغذاء والتنظيف والتربية بمحبة وحنان ، دون ضجر ولا سأم.
وفي هذه الآية إشارة إلى أن حق الأم آكد من حق الأب ، لأنها حملته بمشقة ووضعته بمشقة ، وأرضعته وحضنته ، وعنيت به بتعب وصبر ، ولم يشاركها الأب في شيء من ذلك ، وإن تعب في الكسب والإنفاق ، لذا جاءت الأحاديث النبوية تؤكد بر الأم ، وتقدّمه بمراتب ثلاث على مرتبة الأب ، أخرج الشيخان (البخاري ومسلم) عن أبي هريرة رضياللهعنه قال : «جاء رجل إلى النبي صلىاللهعليهوسلم فقال : يا رسول الله ، من أحقّ الناس بحسن صحابتي؟ قال : أمّك ، قال : ثم من؟ قال : أمّك ، قال : ثم من؟ قال : أمّك ، قال : ثم من؟ قال : ثم أبوك».
وفي الآية أيضا إيماء إلى أن أقل الحمل ستة أشهر (نصف عام) وكان علي رضياللهعنه أول من استدل بهذه الآية وآية لقمان. (وَفِصالُهُ فِي عامَيْنِ) [١٤] وقوله تعالى : (وَالْوالِداتُ يُرْضِعْنَ أَوْلادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كامِلَيْنِ لِمَنْ أَرادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضاعَةَ) [البقرة ٢ / ٢٣٣] على أن أقل مدة الحمل ستة أشهر ، لأن أكثر مدة الرضاع والفطام حولان كاملان ، فبقي للحمل من الثلاثين شهرا ستة أشهر.
وهو استنباط صحيح ، وافقه عليه عثمان وجماعة من الصحابة رضياللهعنهم ، روى ابن أبي حاتم ومحمد بن إسحاق صاحب السيرة النبوية عن معمر بن عبد الله الجهني قال : تزوّج رجل منا امرأة من جهينة ، فولدت له لتمام ستة أشهر ، فانطلق زوجها إلى عثمان رضياللهعنه ، فذكر ذلك له ، فبعث إليها ،