٥ ـ لكل واحد من فريقي المؤمنين والكافرين من الجن والإنس مراتب عند الله يوم القيامة بأعمالهم ، وليوفيهم الله أعمالهم ولا يظلموا حقوقهم ، فلا يزاد على مسيء ، ولا ينقص من محسن.
٦ ـ يقال للكافرين تقريعا وتوبيخا حين تقريبهم من النار ونظرهم إليها ، أو عند تعذيبهم بها : لقد تمتعتم بطيبات الدنيا واتبعتم الشهوات واللذات ، يعني المعاصي ، فاليوم تجزون عذاب الخزي والفضيحة والهوان ، بسبب استعلائكم على أهل الأرض بغير استحقاق ، وتكبركم عن اتباع الحق والإيمان ، وخروجكم عن طاعة الله بغيا وظلما.
ويلاحظ أن الاستكبار عن قبول الحق : ذنب القلب ، والفسق : عمل الجوارح (الأعضاء).
ويحتج بالآية على أن الكفار مخاطبون بفروع الشريعة ، لأن فسق الكفار يوجب العقاب في حقهم ، ولا معنى للفسق إلا ترك المأمورات وفعل المنهيات.
قال المفسرون : والأشياء الطيبة اللذيذة غير منهي عنها ، لقوله تعالى : (قُلْ : مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبادِهِ وَالطَّيِّباتِ مِنَ الرِّزْقِ) [الأعراف ٧ / ٣٢] ، ولكن التقشف وترك التكلف دأب الصالحين ، لئلا يشتغل بغير المهم عن المهم ، ولأن ما عدا الضروري لا حصر له ، وقد يجرّ بعضه بعضا إلى أن يقع المرء في حد البعد عن الله تعالى (١).
وفي الحديث : أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم دخل على أهل الصّفّة ، وهم يرقعون ثيابهم بالأدم(٢) ، ما يجدون لها رقاعا ، فقال : «أنتم اليوم خير أم يوم يغدو أحدكم في حلّة ، ويروح في أخرى ، ويغدى عليه بجفنة ، ويراح بأخرى ، ويستر
__________________
(١) غرائب القرآن ورغائب الفرقان للحسن بن محمد النيسابوري النظّام : ٢٦ / ١٢
(٢) أدم : جمع أديم وهو الجلد.