السحاب عارضا ، وهذا أولى ، أو أن الضمير عائد إلى ما في قوله : (فَأْتِنا بِما تَعِدُنا) أي فلما رأوا ما يوعدون به عارضا.
أخرج البخاري ومسلم والترمذي وغيرهم عن عائشة ، قالت : «ما رأيت رسول الله صلىاللهعليهوسلم مستجمعا ضاحكا حتى أرى منه لهواته (١) ، إنما كان يبتسم ، وكان إذا رأى غيما أو ريحا ، عرف ذلك في وجهه ، قلت : يا رسول الله ، الناس إذا رأوا الغيم فرحوا أن يكون فيه المطر ، وأراك إذا رأيته عرفت في وجهك الكراهية؟ قال : يا عائشة ، وما يؤمّنني أن يكون فيه عذاب؟ قد عذّب قوم بالريح ، وقد رأى قوم العذاب ، فقالوا : هذا عارض ممطرنا».
ثم وصف الله تعالى تلك الريح ، فقال :
(تُدَمِّرُ كُلَّ شَيْءٍ بِأَمْرِ رَبِّها ، فَأَصْبَحُوا لا يُرى إِلَّا مَساكِنُهُمْ ، كَذلِكَ نَجْزِي الْقَوْمَ الْمُجْرِمِينَ) أي تخرب وتهلك تلك الريح كل شيء مرّت به من نفوس (عاد) وأموالها مما شأنه الخراب ، بإذن الله لها في ذلك ، كقوله سبحانه : (ما تَذَرُ مِنْ شَيْءٍ أَتَتْ عَلَيْهِ إِلَّا جَعَلَتْهُ كَالرَّمِيمِ) [الذاريات ٥١ / ٤٢] أي كالشيء البالي. ولهذا ذكر تعالى أنهم قد بادوا كلهم عن آخرهم ، ولم تبق لهم باقية ، وأصبحوا لا يرى من أموالهم وأنفسهم شيء ، لكن ترى آثار مساكنهم.
وهذا حكمنا فيمن كذب رسلنا وخالف أمرنا ، فكما جازينا عادا بكفرهم بالله بذلك العذاب ، نجازي كل مجرم كافر. والمقصود منه تخويف كفار مكة.
أخرج مسلم والترمذي والنسائي عن عائشة رضياللهعنها قالت : كان رسول الله صلىاللهعليهوسلم إذا عصفت الريح قال : «اللهم إني أسألك خيرها وخير ما فيها وخير ما أرسلت به ، وأعوذ بك من شرها وشر ما فيها وشر ما أرسلت به» قالت :
__________________
(١) لهواته : جمع لهاة وهي أقصى سقف الفم.