فأهل مكة مع عجزهم وضعفهم أولى بأن يحذروا من عذاب الله تعالى ويخافوا.
ثم أكد تعالى ضرورة العظة بأمثال عاد أيضا من الأمم السالفة المكذبة بالرسل ، فقال:
(وَلَقَدْ أَهْلَكْنا ما حَوْلَكُمْ مِنَ الْقُرى ، وَصَرَّفْنَا الْآياتِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ) أي وأهلكنا أيضا يا أهل مكة ما حولكم من البلاد ، من القرى المكذبة بالرسل ، مثل قرى ثمود وقرى قوم لوط ومدين مما جاور بلاد الحجاز ، وأهل سبأ باليمن ، وكانت في طريقهم يمرون بها في رحلاتهم صيفا وشتاء ، وبينا الآيات وأوضحناها ، وأظهرنا الحجج ونوّعناها ، لكي يرجعوا عن كفرهم ، فلم يرجعوا.
ثم أبان الله تعالى مدى الكرب والشدة بفقد الأعوان والنصراء لدفع عذاب الله ، فقال:
(فَلَوْ لا نَصَرَهُمُ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللهِ قُرْباناً آلِهَةً ، بَلْ ضَلُّوا عَنْهُمْ ، وَذلِكَ إِفْكُهُمْ وَما كانُوا يَفْتَرُونَ) أي فهلا نصرتهم آلهتهم التي تقرّبوا بها إلى الله لتشفع لهم ، ومنعتهم من الهلاك الواقع بهم ، بل غابوا وذهبوا عنهم ، ولم يحضروا لنصرتهم وعند الحاجة إليهم ، وذلك الضلال والضياع سببه اتخاذهم إياها آلهة ، وزعمهم الكاذب أنها تقربهم إلى الله ، وتشفع ، وافتراؤهم وكذبهم بقولهم : إنها آلهة ، وقد خابوا وخسروا في عبادتهم لها ، واعتمادهم عليها.
وفي هذا توبيخ لأهل مكة ، وتنبيه إلى أن أصنامهم لا تنفعهم شيئا ، فلو نفعت لأغنت من كان قبلهم من الأمم الضالة.
فقه الحياة أو الأحكام :
أرشدت الآيات إلى ما يأتي :