الرسل ، يرشد إلى الدين الحق ، وإلى طريق الله القويم في العقائد والعبادات والأعمال والأخبار.
ولم يذكروا عيسى عليهالسلام إما لأنه كما قال عطاء : كانوا يهودا فأسلموا ، وإما لأن عيسى أنزل عليه الإنجيل فيه مواعظ ورقائق أدبية إنسانية ، وقليل من التحليل والتحريم ، وهو في الحقيقة كالمتمم لشريعة التوراة ، فالعمدة في التشريع لليهود والنصارى على السواء هو التوراة ، فلهذا قالوا : أنزل من بعد موسى.
وهكذا قال ورقة بن نوفل حين أخبره النبي صلىاللهعليهوسلم بقصة بدء نزول الوحي عليه ونزول جبريل عليهالسلام أول مرة ، فقال : «هذا الناموس (١) الذي نزّل الله على موسى ، يا ليتني فيها جذعا (٢) إذ يخرجك قومك».
والخلاصة : أنهم خصوا التوراة ، لأنها مصدر الشرائع والأحكام في الماضي ، ولأنها متفق عليها عند أهل الكتاب.
(يا قَوْمَنا ، أَجِيبُوا داعِيَ اللهِ وَآمِنُوا بِهِ يَغْفِرْ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ وَيُجِرْكُمْ مِنْ عَذابٍ أَلِيمٍ) أي يا قومنا الجن ، أجيبوا رسول الله خاتم النبيين أو القرآن إلى توحيد الله وعبادته وطاعته ، يغفر لكم بعض ذنوبكم التي هي من حقوق الله ، أما حقوق العباد فلا تسقط إلا بتنازل أصحابها عنها ، وكذلك يحميكم ويقيكم وينقذكم من عذاب موجع مؤلم هو عذاب النار ، ويدخل المؤمن منكم الجنة ، لقوله تعالى : (وَلِمَنْ خافَ مَقامَ رَبِّهِ جَنَّتانِ ، فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ) [الرحمن ٥٥ / ٤٦ ـ ٤٧].
وفي الآية دلالة واضحة على أن الله تعالى أرسل محمدا صلىاللهعليهوسلم إلى الثقلين : الجن والإنس ، حيث دعاهم إلى الله تعالى ، وقرأ عليهم سورة الرحمن التي فيها خطاب
__________________
(١) ناموس الرجل : أمين السر ، أو صاحب السر الذي يطلعه على باطن أمره ويخصّه بما يستره عن غيره ، وأهل الكتاب يسمون جبريل عليهالسلام النّاموس.
(٢) أي شابا جلدا قويا.