(وَالسَّماءِ ذاتِ الْحُبُكِ ، إِنَّكُمْ لَفِي قَوْلٍ مُخْتَلِفٍ ، يُؤْفَكُ عَنْهُ مَنْ أُفِكَ) أي والسماء ذات الجمال والبهاء والحسن والاستواء ، فكل شيء أحكمته وأحسنت عمله ، فقد حبكته واحتبكته ، أو ذات الشدة مثل قوله تعالى : (وَالسَّماءِ ذاتِ الرَّجْعِ) [الطارق ٨٦ / ١١] أو ذات الطرائق والممرات المحكمة وهي ممرات الكواكب ، والبناء المتقن ، مثل قوله تعالى : (وَالسَّماءِ ذاتِ الْبُرُوجِ) [البروج ٨٥ / ١].
والخلاصة : والسماء ذات البنيان المتقن والجمال والحسن والطرائق المحكمة إنكم يا كفار قريش لفي قول مضطرب متناقض غير متلائم في أمر القرآن والرسول ، فمرة تقولون في القرآن : شعر وسحر وكهانة وأساطير الأولين ، وحينا تقولون في الرسول : شاعر وساحر وكاهن ومجنون ، وإنما يصرف عن هذا القرآن والإيمان به من كذّب به ، ويروج على من هو ضال في نفسه ، جاهل غمر لا فهم له ، لأنه قول باطل ، يصرف بسببه من صرف عن الإيمان برسول الله صلىاللهعليهوسلم ، وهو قول متناقض ، إذ الشاعر أو الساحر أو الكاهن يحتاج إلى عقل وذكاء وفطنة ، أما المجنون فلا عقل عنده.
(قُتِلَ الْخَرَّاصُونَ ، الَّذِينَ هُمْ فِي غَمْرَةٍ ساهُونَ) لعن وقبح الكذابون أصحاب القول المختلف المرتابون في وعد الله ووعيده ، الذين هم في جهل يغمرهم ، غافلون في الكفر والشك عما أمروا به وعما هم قادمون عليه.
وهذا في الأصل دعاء عليهم بالقتل والهلاك ، كقوله تعالى : (قُتِلَ الْإِنْسانُ ما أَكْفَرَهُ) [عبس ٨٠ / ١٧] ثم جرى مجرى : لعن وقبح.
(يَسْئَلُونَ أَيَّانَ يَوْمُ الدِّينِ ، يَوْمَ هُمْ عَلَى النَّارِ يُفْتَنُونَ) أي يسألك المشركون تكذيبا وعنادا واستهزاء ، قائلين : متى يوم الجزاء؟ فقل لهم : إنه يوم يعذب الكفار ويحرقون في نار جهنم ، يقال : فتنت الذهب : إذا أحرقته لتختبره.