ويقال لهم من الخزنة :
(ذُوقُوا فِتْنَتَكُمْ ، هذَا الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تَسْتَعْجِلُونَ) أي يقال لهم : ذوقوا عذابكم أو حريقكم ، هذا العذاب الذي كنتم تتعجلون به أو تطلبون تعجيله استهزاء منكم ، وظنا أنه غير كائن.
فقه الحياة أو الأحكام :
أرشدت الآيات الكريمات إلى ما يأتي :
١ ـ تعظيم المقسم به وهو الرياح الشديدة التأثير التي لا تخضع لقانون الجاذبية ، والسحب المحملة بأحمال ثقيلة وهي الأمطار سبب الرزق والخيرات ، والسفن الجارية فوق سطح الماء ، والملائكة التي تقسّم الأمطار وأرزاق العباد وأمورهم. ولله أن يقسم على ما يشاء ، في أي وقت يشاء ، ولكل أمر يشاء.
ويلاحظ أن جميع السور التي بدئت بغير الحروف ، كهذه السورة ، كان المقسم عليه أحد أصول الاعتقاد : التوحيد ، والرسالة ، والبعث ، فسورة الصافات أقسم فيها على التوحيد ، فقال : (إِنَّ إِلهَكُمْ لَواحِدٌ) (٤) وفي سورة النجم والضحى أقسم على صدق الرسول ، حيث قال : (ما ضَلَّ صاحِبُكُمْ وَما غَوى) (٢) (وَالضُّحى وَاللَّيْلِ إِذا سَجى ، ما وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَما قَلى) (١ ـ ٣) وبقية السور كان المقسم عليه هو البعث والجزاء.
كما يلاحظ أيضا أن الله تعالى أقسم بمجموع المؤنث السالم في سور خمس ، ففي سورة والصافات لإثبات الوحدانية أقسم بالساكنات ، وفي السور الأربعة الباقية أقسم بالمتحركات لإثبات الحشر ، فقال : (وَالذَّارِياتِ وَالْمُرْسَلاتِ وَالنَّازِعاتِ وَالْعادِياتِ) لأن الحشر فيه جمع وتفريق ، وذلك بالحركة أليق ، كما تقدم.