ابن كثير : فإذا كان هذا في حق الملائكة المقربين ، فكيف ترجون أيها الجاهلون شفاعة هذه الأصنام والأنداد عند الله ، وهو تعالى لم يشرع عبادتها ، ولا أذن فيها ، بل قد نهى عنها على ألسنة جميع رسله ، وأنزل بالنهي عن ذلك جميع كتبه (١)؟. وهذا توبيخ لعبدة الملائكة والأصنام.
فقه الحياة أو الأحكام :
أرشدت الآيات إلى ما يأتي :
١ ـ حاجّ الله المشركين إذ عبدوا ما لا يعقل ، فإن تلك الأصنام التي يعبدونها كاللات والعزى ومناة لا تسمع ولا تبصر ، ولا تنفع ولا تضر ، فكيف تجوز عبادتها؟ علما بأن العبادة في رأي المشركين للمنفعة ، وهذه عديمة النفع ، فهل رأيتم هذه الأصنام حق الرؤية ، فإن رأيتموها علمتم أنها لا تصلح شركاء؟ وقد عرفتم جلال الله وعظمته ، فهو الأحق بالعبادة.
٢ ـ قرّع الله المشركين ووبخهم أيضا ورد عليهم قولهم : الملائكة بنات الله ، والأصنام بنات الله ، وبين لهم أنه لا يعقل جعل البنات الإناث لله ، ويختارون هم الذكور ، فهذه القسمة قسمة جائرة عن العدل ، خارجة عن الصواب ، مائلة عن الحق.
٣ ـ ما هذه الأوثان إلا أسماء وضعتموها ونحتموها وسميتموها آلهة ، وقد قلدتم آباءكم في ذلك ، وما أنزل الله بها من حجة ولا برهان ، وما تتبعون في ذلك إلا الظن أو الوهم وأهواء النفس وما تميل إليه ، بالرغم من أنه جاءكم البيان الشافي من جهة الرسول أنها ليست بآلهة ، فهم اختاروا العمل بالظن مع قدرتهم على العمل باليقين الذي نزل به الوحي.
__________________
(١) تفسير ابن كثير : ٤ / ٢٥٥