(هذا نَذِيرٌ مِنَ النُّذُرِ الْأُولى) أي هذا القرآن إنذار من جنس الإنذارات المتقدمة ، أو هذا الرسول نذير من جنس المنذرين الأولين ، أي إنه رسول كالرسل قبله ، أرسل إليكم كما أرسلوا إلى أقوامهم.
(أَزِفَتِ الْآزِفَةُ) قربت القيامة أو دنت الساعة ، كقوله تعالى : (اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ) [القمر ٥٤ / ١]. (لَيْسَ لَها مِنْ دُونِ اللهِ كاشِفَةٌ) أي ليس لها نفس من غير الله قادرة على كشفها إذا وقعت إلا الله ، أي لا يكشفها ويظهرها إلا هو ، كقوله تعالى : (لا يُجَلِّيها لِوَقْتِها إِلَّا هُوَ) [الأعراف ٧ / ١٨٧] إذ لا يطلع عليها سواه ، فقوله : (كاشِفَةٌ) أي نفس تكشف وقت وقوعها وتبيّنه ، لأنها من المغيبات. والتاء للتأنيث ، لتأنيث الموصوف المحذوف ، أي نفس قادرة على كشفها إذا وقعت ، لكنه سبحانه لا يكشفها. (أَفَمِنْ هذَا الْحَدِيثِ) القرآن. (تَعْجَبُونَ) إنكارا وتكذيبا. (وَتَضْحَكُونَ) استهزاء.
(وَلا تَبْكُونَ) حزنا على ما فرطتم ، وعند سماع وعد الله ووعيده. (وَأَنْتُمْ سامِدُونَ) لاهون وغافلون ومعرضون عما يطلب منكم. (فَاسْجُدُوا لِلَّهِ) الذي خلقكم ، أي إذا اعترفتم لله بالعبودية ، فاخضعوا له. (وَاعْبُدُوا) اعبدوه دون الآلهة المزعومة كالأصنام ، وأقيموا وظائف العبادة.
المناسبة :
لمّا عدّ الله تعالى نعمه على الإنسان من خلقه وإغنائه ، ثم ذكر أمثلة على قدرته بإهلاك من كفر بتلك النعم ، وأن الإحياء والإماتة بيد الله ، وبّخ الإنسان على جحد شيء من نعم الله ، فيصيبه مثل ما أصاب الشاكّين المتمارين المجادلين بالباطل. ثم ذكّره بإنذار القرآن والرسول. وحين فرغ من بيان التوحيد والرسالة ، ختم السورة ببيان اقتراب الحشر : (أَزِفَتِ الْآزِفَةُ) وحذّر من إنكار القرآن وتكذيبه ، ومن التفريط بما جاء فيه ، والغفلة والإعراض عن مواعظه وحكمه ، ودعا إلى الانقياد التام لله عزوجل ، وعبادته وحده لا شريك له بإتقان وإخلاص.
التفسير والبيان :
(فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكَ تَتَمارى) أي فبأي نعم ربك أيها الإنسان المكذب