للحفظ ، وسهلنا لفظه للنطق ، ويسرنا معناه لمن أراده ليتذكر الناس ، فهل من متعظ بمواعظه ، ومعتبر بعبره؟! والأولى أن يقال : سهلناه للتذكر والاتعاظ بسبب المواعظ الشافية والبيانات الوافية.
وفي الآية الحث على درس القرآن ، والاستكثار من تلاوته ، والمسارعة في تعلّمه ، كما قال تعالى : (كِتابٌ أَنْزَلْناهُ إِلَيْكَ مُبارَكٌ ، لِيَدَّبَّرُوا آياتِهِ ، وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُوا الْأَلْبابِ) [ص ٣٨ / ٢٩] ، وقال سبحانه : (فَإِنَّما يَسَّرْناهُ بِلِسانِكَ لِتُبَشِّرَ بِهِ الْمُتَّقِينَ ، وَتُنْذِرَ بِهِ قَوْماً لُدًّا) [مريم ١٩ / ٩٧]. قال ابن عباس : لولا أن الله يسره على لسان الآدميين ما استطاع أحد من الخلق أن يتكلم بكلام الله عزوجل.
والحكمة في تكرير قوله : (وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ ...) هي تجديد التنبيه على الادّكار والاتعاظ والتعرف على تعذيب الأمم السالفة ، للاعتبار بحالهم. وهكذا حكم التكرير في سورة الرحمن عند عدّ كل نعمة ، وفي سورة المرسلات عند عدّ كل آية ، لتكون مصوّرة للأذهان ، محفوظة في كل أوان. وهذه القصص نفسها كم كررت في القرآن بعبارات مختلفة أوجز وأطنب ، لأن التكرير يوجب التقرير في النفوس ، والتذكير ينبه الغافل على أن كل موضع مختص بمزيد فائدة لم يعرف من غيره (١).
فقه الحياة أو الأحكام :
أرشدت الآيات إلى ما يأتي :
١ ـ كان نوح عليهالسلام في وقته ومبدأ دعوته العابد الوحيد لله عزوجل ، وكان قومه أول المكذبين للرسل ، لذا شرفه الله تعالى بقوله : (عَبْدَنا) فالإضافة إلى الله تشريف منه ، واختيار لفظ العبد أدل على صدقه وقبح تكذيبهم من قوله : رسولنا.
__________________
(١) غرائب القرآن للنيسابوري : ٢٧ / ٥٢