المناسبة :
بعد بيان إهلاك بعض الأمم السابقة وهم قوم نوح وهود وصالح ولوط بسبب تكذيبهم الرسل ، خاطب الله أهل مكة موبخا لهم بطريق الاستفهام الإنكاري ، ليبين لهم أن ما أصاب غيرهم من العذاب والهوان سيصيبهم ، لأن ما جرى على المثيل يجري على مثيله ، إن استمروا على كفرهم ، وأصروا على ضلالهم ، وأنهم أيضا سيهزمون في الدنيا ، وسيلقون في الآخرة عذابا أشد وأدهى.
ثم أبان الله تعالى نوع عذاب المجرمين أي المشركين في الآخرة ، وأن كل شيء مخلوق لله سبحانه ، وأن أمره تعالى سريع النفاذ بكلمة (كن) التكوينية ، وختم السورة بذكر ثواب المتقين الأبرار.
التفسير والبيان :
(أَكُفَّارُكُمْ خَيْرٌ مِنْ أُولئِكُمْ أَمْ لَكُمْ بَراءَةٌ فِي الزُّبُرِ) أي أكفاركم يا مشركي قريش خير من الذين تقدم ذكرهم ممن أهلكوا بسبب تكذيبهم الرسل ، وكفرهم بالكتب السماوية ، أم معكم من الله براءة فيما أنزل من الكتب ألا ينالكم عذاب ولا نكال؟!
والمعنى : ليس كفاركم يا أهل مكة ، أو يا معشر العرب ، خيرا من كفار من تقدمكم من الأمم الذين أهلكوا بسبب كفرهم ، فلستم بأفضل منهم ، حتى تكونوا بمأمن مما أصابهم من العذاب عند تكذيبهم لرسلهم ، وليست لكم براءة من عذاب الله في شيء من كتب الأنبياء.
وهذا تهديد وتوبيخ لمن أصرّ على الكفر من مشركي العرب ، فالمراد بعض العرب لا كلهم ، فليس كفارهم خيرا ممن سبقهم ، وهم قوم نوح وهود وصالح ولوط ، بل هم مثلهم أو شر منهم.