على نفسه ، إنما يعطف على غيره ، وهذا ظاهر الكلام. وقال الجمهور : هما من الفاكهة ، وإنما أعاد ذكر النخل والرمان لفضلهما وحسن موقعهما على الفاكهة ، كقوله تعالى : (حافِظُوا عَلَى الصَّلَواتِ وَالصَّلاةِ الْوُسْطى) [البقرة ٢ / ٢٣٨] ، وقوله : (مَنْ كانَ عَدُوًّا لِلَّهِ وَمَلائِكَتِهِ وَرُسُلِهِ وَجِبْرِيلَ وَمِيكالَ) [البقرة ٢ / ٩٨].
وبناء على الرأي الأول قال أبو حنيفة : من حلف ألا يأكل فاكهة فأكل رمّانا أو رطبا ، لم يحنث. وخالفه صاحبه والجمهور.
رابعا ـ وقال في الأوليين : (فِيهِنَّ قاصِراتُ الطَّرْفِ ...) وفي الأخريين : (فِيهِنَّ خَيْراتٌ حِسانٌ) يعني النساء ، الواحدة خيرة ، على معنى ذوات خير ، وقرئ «خيّرات» والتي قصرت طرفها بنفسها أفضل ممن قصرت ، كما تقدم. ووصفت الأوليان بقوله : (كَأَنَّهُنَّ الْياقُوتُ وَالْمَرْجانُ).
ويلاحظ أنه سبحانه قال في الموضعين عند ذكر الحور : (فِيهِنَ) وفي سائر المواضع : (فِيهِما) والسرّ في ذلك الإشارة إلى أن لكل حورية مسكنا على حدة ، متباعدا عن مسكن الأخرى ، متسعا يليق بالحال ، وهذا ألذ وأمتع وأهنا للرجل الواحد عند تعدد النساء ، فيحصل هناك متنزهات كثيرة ، كل منها جنة ، وكأن في ضمير الجمع إشارة لذلك. أما العيون والفواكه فلا حاجة فيها لهذا الاستقلال ، فاكتفى فيها بعود الضمير إلى الجنتين فقط.
وهل الحور أكثر حسنا وأبهر جمالا من الآدميات؟ قيل : الحور ، لما ذكر من وصفهن في القرآن والسنة ، ولقوله صلىاللهعليهوسلم في دعائه على الميت في الجنازة : «وأبدله زوجا خيرا من زوجه».
وقيل : الآدميات أفضل من الحور العين بسبعين ألف ضعف ، لحديث روي مرفوعا(١).
__________________
(١) تفسير القرطبي : ١٧ / ١٨٧ وما بعدها.